المرأة والمجتمع المدنيتقارير وتحقيقات

حرب ختان الاناث : قصة عارضة الأزياء واريس ديري (زهرة الصحراء)

9 فبراير 2024

فى الخامسة من عمرها تعرضت «للختان» التجربة الأكثر قسوة فى حياتها، والتى شكلت فيما بعد مسار حياتها واهتمامها كنجمة أزياء عالمية.. وفى الخامسة عشرة عاشت تجربتها الأخرى التى كانت طريق خروجها الأخير عندما هربت عبر الصحراء من زيجة مبكرة لفتاة قايضها أبوها ببضعة جمال.

واريس ديري «Waris Dirie».. «زهرة الصحراء» التى انتقلت من الصحراء الصومالية الى العالمية، تفتخر بأصولها الإفريقية البدوية، وحبها للصحراء رغم قسوتها.. لكنها فى الوقت نفسه تبدو كمحاربة صلبة اختارت منذ 25 عاما أن تخوض حربا حقيقية، وأن تكون أيقونة نضالية لحماية الاناث من الختان.. كتبت تجربتها فى كتابها الأشهر «Desert Flower»، والذى كان أيضا عنوانا لفيلم حمل نفس الاسم «زهرة الصحراء» قصة حياة ونضال تستحقان القراءة والمشاهدة.

هو فيلم سيرة ذاتية ألماني لعام 2009 للعارضة واريس ديري

البداية

طفلة ظمآنة وجائعة من ثدى واحدة من إناث الجمال رصدتها بخبرتها من بين مجموعة منها كانت ترعى فى الصحراء. بعد أن نجت من الأسد، ومن سوط الرجل الذى يرعى الجمال. تملكها شعور شفيف مريح بأنها فى منأى عن الخطر، وبأنه بطريقة سحرية سوف تصير الأمور إلى الأفضل.

هذه الطفلة البرية القوية بملامحها الجاذبة الذكية كانت ولا تزال بارعة فى استثمار صلابتها وجاذبيتها وألمها ومعاناتها، فى تحقيق نجاح وشهرة عالمية، فى عالم الأزياء، فى الأدب، وأهم من كل ذلك فى نشاطها الواسع الذى تفرغت له لمناهضة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى FGM.

وكانت البداية عام 1996 عندما نجحت فى لفت أنظار العالم إلى معاناتها الشديدة من عملية الختان فى أثناء حوارها الذى نشر فى إحدى المجلات الأوروبية الشهيرة، تكلمت بحماس وبصراحة تامة عن مدى استنكارها وكراهيتها ختان الإناث، عن تجربتها المريرة فى طفولتها، وعن رغبتها فى تبنى القضية وبذل كل ما فى وسعها لإنقاذ الصغيرات من هذه الممارسة. فى عام 1997 تم تعيينها من قبل الأمم المتحدة سفيرة لحقوق المرأة فى إفريقيا.

الشفرة الحادة

فقدت الوعى أكثر من مرة فى أثناء وبعد العملية التى أقعدتها مريضة بالحمى فترة قضتها نائمة تحت الشجرة فى العراء، تركت التجربة لديها انطباعا غريبا بأن الإنسان أشد الكائنات قسوة. بكت واغتمت وفقدت شهيتها للطعام، وكان شيء بداخلها يستنكر ويندهش لما جرى لها، فهى لم تكن تشكو من شيء، ولم ترتكب أى خطأ تعاقب عليه.

ومع مرور الوقت ركنت للاعتقاد بأن هذه الممارسة تحدث مع كل الفتيات وهو الشيء الطبيعى الذى يجب تقبله، ولم تتكشف لها حقيقة أنه ليس بالطبيعى إلا عندما بلغت الثامنة عشرة وكانت وقتها تعمل عاملة نظافة فى لندن التى سافرت إليها من مقديشيو لتعمل خادمة عند أحد أقاربها، اجتاحها ألم شديد فى أثناء التبول اضطرها إلى الذهاب إلى المستشفى قال لها الطبيب الذى أشرف على علاجها إنه لا يستطيع أن يعيد ما انتزع منها قسرا، لكنه فقط سيخفف الألم عنها.

فى إحدى المقابلات التليفزيونية العربية ردت ديري واريس على سؤال بخصوص سر تبنيها قضية الختان وكان ردها بأنها منذ طفولتها تشعر بأن هناك خطأ ما أربك نظرتها لنفسها كأنثى دون أن تتجرأ على البوح به حتى لا تبدو نشازا وسط مجتمعها الذى ينتشر فيه «الختان».

وبسؤالها حول علاقة الممارسة بالدين، ردت على الفور لا علاقة إطلاقا، هذه الممارسة منذ آلاف السنين، دون أى سبب أو مبرر غير أنها عادة متوارثة، وفى إحدى المداخلات وكانت رسالة قرأها عليها المذيع يتهم صاحب الرسالة حملتها بأنها تروج للذات الحسية على حساب الروحانيات. أطلقت ديرى اريس ضحكة استهجان هازئة وهى تقول «لا بد أن صاحب السؤال رجل», عندما صدق المذيع على كلامها، ردت برنة غاضبة «ما يقوله سخف شديد، أنا أتحدث عن جريمة ولا أفهم عن أى شيء يتحدث هو؟!».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى