9 فبراير 2024
طالب واحد فقط في قسم اللغات العراقية، يتلقى التعليم بمفرده في القاعة، بكامل الجدية والانضباط، في مشهد طريف أو غير مألوف، يضيء أيضاً على عزوف الشباب العراقيين عن الانضمام إلى أقسام اللغات العراقية القديمة، مثل الأكدية والسومرية، وهو أمر قد لا يبدو ملائماً بالنسبة لبلد مثل العراق، يقول علماء التنقيب إن كل شبر منه يضم موقعاً أثرياً.
ويعزو مسؤولو الجامعات، تراجع الاهتمام بتلك الأقسام، إلى قلة فرصة التوظيف، وتوجه الكثير من الطلبة إلى الجامعات الأهلية.
يقول أمير خالد و يبلغ من العمر 21 عاماً ، وهو في المرحلة الثانية في قسم اللغات العراقية القديمة الذي تأسس عام 1999 ضمن أقسام كلية الآداب وكان يسمى قسم الدراسات المسمارية سابقاً ويضم اللغتين الأكدية والسومرية (لغات بابل) وفي عام 2008 تأسست كلية الآثار بجامعة الموصل وضمت أقسام الآثار، الحضارة، اللغات.
” قررت دخول قسم اللغات العراقية القديمة عن رغبة كبيرة، ورغم كل شيء لم أترك دراستي هنا وذلك لأجل تحقيق حلمي.
أساتذتي رائعون جداً بالتعامل معي، وتدريسهم لي بمثابة تدريسهم لمرحلة كاملة دون النظر إلى أنني وحيد في القاعة.
من يراني قد يقول إن حياتي الجامعية مللة، أو ليس لي أصدقاء في الكلية، وهذا أكثر سؤال يطرح علي، لكن على العكس، لدي الكثير من الزملاء من بقية الأقسام خارج القاعة الدراسية وأعيش حياة جامعية طبيعية وبذات الوقت فإن الطلبة اختاروني أن أكون ممثلاً عنهم.
من المهارات التي اكتسبتها، كتابة النصوص على الطين وهذا هو نشاطي التطبيقي داخل الكلية، بالإضافة إلى أن لدي عملاً خاصاً في صنع اكسسوارات طينية أدون عليها أسماء الأشخاص باللغة المسمارية التي تعلمتها من المرحلة الأولى.
حالياً أشرف على عمل لوح طيني بطول مترين وعرض متر ونصف، سأدون فيه وثيقة عربية موحدة سيتم الكشف عنها لاحقاً وهو العمل الأول من نوعه بالعراق. ”
وفي حديث مع رئيس قسم اللغات العراقية القديمة، الاستاذ معاذ حبش ان ” كلية الآثار بجامعة الموصل قبلت في العام السابق 10 طلاب وهي ليست وحدها، فهناك كليات تحتوي على 10 أقسام وقبلت 25 طالباً فقط.
شاءت الظروف أن يكون أمير لوحده بالدفعة، بسبب قلة القبولات وكانت معه طالبة قد تم قبولها لكنها قامت بتأجيل السنة الدراسية.
منذ تسعينات القرن الماضي ولغاية اليوم والقبولات في أقسام الآثار لا تتعدى 20 طالباً بالمرحلة الواحدة، وبعد تحرير الموصل عام 2017 حصلت طفرة بتواجد 50 طالباً بكل مرحلة وذلك بسبب التراكمات التي حصلت في أعداد الطلبة لتوقفهم عن الدراسة لثلاث سنوات.
أقسام الآثار في جامعتي السليمانية وصلاح الدين بأربيل لم تستقبل أي طالب منذ عامين.
دراستنا تمثل سيادة دولة ولا تشبه نوعية الدراسات العلمية الأخرى مع جل احترامنا، وبعلم الآثار نعتمد على نوعية الطلبة وليس الكمية خاصة الذين يقررون الانضمام إلى الكلية عن رغبة ودافع كبير. ”