المرأة والمجتمع المدنيمقالات الرأي

المرأة العراقية بين الوهم والواقع

13 مارس 2024

سارة جاسم

إن وضع المرأة العراقية كان ومازال هشاً ، وهذا واقع حال مؤسف كشفه مؤشر المرأة والسلام والأمن في نسخته الرابعة لعاميّ 2023-2024، عن أن العراق حلّ ضمن العشرة الأواخر فيما يتعلق بالتمييز القانوني والأمني ضد المرأة من بين 177 دولة  .

لم أستغرب وجود العراق بين الأوائل في هذا المؤشر ، فما زال الوضع كما هو عليه منذ أعوام في هذه الانتهاكات التي تطال المرأة العراقية بشكل متكرر ، ولا زلت اذكر سبب دخولي لعالم المدافعة والمناصرة لقضايا النساء والأطفال، بدأً من قصة أسراء عام 2016 التي كانت نقطة التحرك لدي عن ما يحدث من انتهاكات بحق الفتيات والنساء

اسراء ذات الأربع عشرة عاماً ، يتيمة الأب وهي الابنة الوحيدة لوالدتها مع طفلين ، وقد بدأت بسن البلوغ ولكن لم يكن هناك أي نزف واضح وانما آلام تحطم جسدها الصغير

أتذكر وقتها كان يوم صيف لاهب وانا اتصفح الفيسبوك الذي كان المنصة الوحيدة التي امتلكها بأسم مستعار تجنباً للعيب الذي كان يلاحق النساء من تمتلك موقع للتواصل الاجتماعي ، وأجد رسالة من حساب وهمي يطلب المساعدة بحكم تركيزي على اطفال مرضى السرطان والأمراض المزمنة وأقدم المساعدة لهم

كان نص الرسالة: ” ارجوا ان تساعديني بقضية ابنتي اترجاج تنقذيها “، و بعد التواصل تبين أن الطفلة بعد مراجعة المستشفى أنها بغشاء بكارة محكم يمنع تدفق الدم خارج الجسم أثناء الدورة الشهرية ويجب أن تجري عملية فتح جزئي لإنقاذ حياتها

والمانع من أجراء هذه العملية هو الحاجة إلى موافقة شخص ذكر من عائلة الطفلة ، ولكن العم وأبناء العم رفضوا اي عملية بسبب ان شرفهم معلق بهذه القطعة وببعض قطرات الدم ، رغم علمهم انها ستزود بتقرير طبي ، لكن كان أهون على الذكور في العائلة وفاتها وألمها من خسارة هذه القطعة

وبعد التواصل ليومين لمحاولة إيجاد حل لهذه المشكلة الإنسانية واذا اتفاجىء برسالة من آلام ” أسراء انتحرت ماتحملت الألم والمشاكل اللي بيني وبين عمها ” مع بكاء وعويل يدمي القلب

فوجدت ان حياة أسراء لا تذكر حالها كحال العديد منا الى يومنا هذا ، وهذا الواقع الذي ينكره أغلب السياسيين ومعظم الذكور والذي يؤكدوه من خلال امتناعهم عن تعديل بعض النصوص القانونية التي تنتهك كرامة وحقوق النساء وتمنحها المساواة مع شريكها الرجل وتشريع قانون يحميها ويحمي الأسرة من العنف

فهذه القوانين هي وسائل سيطرة مهمة بالنسبة لهم على نصف المجتمع بدافع العادات والتقاليد ، ويتظاهرون بالمدنية والعدالة بالاستعراضات في محافل يوم المرأة التي يظهرونها للمجتمع الدولي والتباهي بالاتفاقيات المصادق عليها و التي تكون حبر على ورق دون تطبيق .

حتى التمثيل النسوي في عملية صنع القرار داخل قبة البرلمان هو جزء من هذه الشكليات ليكمل الاستعراض المطلوب أمام العالم والمجتمع الدولي ، ” أي نساء في أماكن صنع القرار ولكن.. بلا قرار ”

لذا لن نستغرب هذه المؤشرات لا اليوم ولا غداً ، نعم المرأة العراقية مازالت تعاني الكثير من أنواع التمييز وانعدام الحماية القانونية والاجتماعية والحرمان من فرص العمل وتتعرض للاستغلال والعنف والتحرش والقتل تحت ذريعة الدين والتقاليد العشائرية التي تسلبها حياتها ، وتحرمها فرص التقدم، وتسلب كرامتها وحقوقها المشروعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى