الجندر والعدالة الاجتماعية وجهان لعملة واحدة
3 أغسطس 2023
حيدر البصير
قبل أن أكتب رأيي على ما يحصل من تزييف لحقيقة النوع الاجتماعي، لابد لي من مقدمة تعريفية بالجندر أو النوع الاجتماعي: وهو مفهوم يعبر عن الصفات الاجتماعية والثقافية والسلوكية التي تميز بين الذكور والإناث في المجتمع. ويتمثل الجندر في مجموعة من الأدوار والمسؤوليات المحددة والتوقعات التي يُفرضها المجتمع على الأفراد بناءً على جنسهم.
على الرغم من أن الجنس هو متغير بيولوجي يحدد بنية الجسم كذكر أو أنثى، إلا أن الجندر يعبر عن السمات الاجتماعية والثقافية التي تم تطويرها وتعلمها من خلال الثقافة والتاريخ والبيئة المحيطة بالفرد
إن هذا التعريف هو التعريف العالمي المعتمد، الذي تتفق عليه كل منظمات حقوق الإنسان في العالم، بل حتى الذكاء الصناعي يتفق معهم. لكن ذكاء البعض وصل لمرحلة البحث عن مصطلح اخر. أين كان هذا المصطلح ليتم دمجه مع المثلية والمتحولين جنسيا أو الثقافات الدخيلة؟ وهنا لابد لي أن اسأل .. لماذا حاربتم مصطلح الجندر، ولم تحاربوا مصطلح الميم ؟!
في حين أن هذا المصطلح هو المعبر لمن تقولون عنه وألصقتم بمصطلح الجندر ذلك الوصف الكاذب والمزيف؟ فهل ثقافة العدالة الاجتماعية دخيلة على مجتمعنا؟ ثم هل حربكم على مصطلح أم ثقافة؟ يتمثل الجندر في العراق بأمور اربعة يجب المساواة بين الرجل والمرأة في مجالات الصحة والتعليم والمناصب السياسية والاقتصادية، وأن يصار إلى تنمية وتمكين المرأة والرجل، كنوع من المجتمع، له الحق وعليه الواجب. فما هي العدالة الاجتماعية غير ذلك ؟!
إن أول من دعا للمساواة الاجتماعية بين الجنسين هو علي بن ابي طالب صوت العدالة الإنسانية، وإن كنتم لا تعرفون، فبين يديكم مقاطع من رسالة مالك الأشتر، وأشهر قول فيها: الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق. فهل المساواة أو النوع الاجتماعي أو الجندر غير ذلك ؟؟ ماذا تريد المرأة في العراق ؟ غير تكافؤ الفرص في التعليم والعمل والصحة والسياسة، وكل مفاصل المجتمع. هل تحاسب المرأة لأنها تريدك رجلا لها، لا رجلا عليها إن كنت تعرف معنا الرجولة ؟
فالختام أعرف جيدا أن من يعترض على مصطلح الجندر هو أعلم مني بمعناها الحقيقي، ولكن ليس غريب على من استغل مقدساته الدينية والوطنية للدعاية الانتخابية أن يستغل مصطلح فقط لضرب الحركة المدنية في العراق ووصفها بالثقافة الدخيلة أو الحركة العميلة. وما اسهل الاتهامات في العراق وما أسهل أن تجد بسطاء من الناس يصدق هذه الاتهامات.
هذا يذكرني بمشهد من فلم البداية للرائع أحمد زكي الذي يلعب به دور المدني الحر وجميل راتب يلعب دور الدكتاتور. وعندما يحاول الدكتاتور استغلال البسطاء، فيفعل مثلما فعل جميل راتب بأحمد زكي، قائلا إحذروه ده ديمقراطي! وطبعا لما تسأل الديمقراطي: هل أنت ديمقراطي سيقول نعم، فيتألب عليه الرأي العام.
نصيحتي في آخر المقال لأصدقائي المتأسلمين والمتطرفين، بدلا من حل الكلمات المتقاطعة وتزييف المصطلحات، اقتربوا من الفقراء الذين تسببتم بفقرهم، وأسألوا هل يحلو لكم ترك العراقي يعيش في بلده مسكينا ويتيما وأسيرا ؟