المرأة والمجتمع المدنيمقالات الرأي

إتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) وحقوق المرأة الأساسية

أمل كباشي

5 أغسطس 2023

رغم أن الصكوك الدولية لحقوق الانسان تؤكد على الإيمان بكرامة الانسان وحقوقه الأساسية، وان جميع الناس يولدون أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق، وعدم التمييز بينهم، بما في ذلك التمييز القائم على الجنس، وضمان تمتعهم (رجالا والنساء) بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية ، لكن.. لازالت هناك فجوة في تحقيق المساواة وإلغاء التمييز بين الرجال والنساء بسبب العديد من العوامل منها الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.

حيث سعت الأمم المتحدة من خلال التركز على حقوق النساء، والنظر بخصوصية الى اوضاعهن، الى اصدار في 1967 ” إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ” الذي يعد وثيقة غير ملزمة، ولم يحظى بتجاوب من قبل معظم الدول، مما دعا الأمم المتحدة إلى اعتماد عام 1975م. سنة دولية للمرأة حملت شعار: مساواة – تنمية – سلام. “

ثم جاء المؤتمر العالمي للمرأة في مكسيكو سيتي عام 1975م، ليضع خطة عمل عالمية تتبناها جميع الدول المنضمة إلى هيئة الأمم المتحدة، لضمان مزيد من اندماج المرأة في مختلف مرافق الحياة.

كما أطلق ما يعرف بعقد الأمم المتحدة للمرأة للفترة الزمنية 1975 – 1985، لتحقيق الأهداف ولتنفيذ الخطط الموضوعة لها في المجال العملي والتطبيقي. وعقد الكثير من المؤتمرات العالمية خلال هذا العقد، التي انتجت اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في عام 1979.

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أو سيداو، التي تعرف اختصاراً بالإنجليزية (CEDAW)

فهي وثيقة دولية لحقوق النساء، تم اعتمادها في 18 ديسمبر 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودخلت حيّز النفاذ في 3 سبتمبر 1981، بعد ان حازت على مصادقة 20 دولة، وبلغ عدد الدول التي صادقت عليها 189 دولة حتى عام 2023.

وتتضمن الاتفاقية لائحة بحقوق المرأة الانسان، مكونة من مجموعة قواعد قانونية تلزم الدول الأطراف باقرار المساواة وعدم التمييز سواء بحكم القانون او في الواقع، في مجمل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وتضم 30 مادة مع ديباجة، التي أكدت أن التمييز ضد المرأة يشكل إنتهاكا لمبدأ المساواة في الحقوق وإحترام كرامة الإنسان، وعقبة امام تحقيقها بين الرجل والمراة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وفي تنمية المجتمع، وتؤكد على الأهمية الاجتماعية للأمومة ودور الوالدين في الأسرة وفي تنشئة الأطفال، وأن تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة يتطلب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل وكذلك في دور المرأة في المجتمع والأسرة .

كما قدمت الاتفاقية تعريفاً واضحاً عن التمييز في المادة (1) : “التمييز ضد المرأة، بانه أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره النيل من مساواة الرجل والمرأة، وحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو ممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية. ” ويشمل هذا التعريف التمييز المباشر او غير المباشر في جميع جوانب الحياة العامة والخاصة.

أما المواد من (25) : ” تشكل اطار العمل الأساسي للاتفاقية من خلال التزام الدول الأطراف بأجراءات وآليات لضمان حقوق المرأة الانسان، بتجسيد مبدأ المساواة في دساتيرها وقوانينها الوطنية، وإتخاذ التدابير التشريعية المتضمنة التي تحظر كل تمييز ضد المرأة، ودعت الى اتخاذ تدابير مؤقتة ( التمييز الإيجابي) تعجل من المساواة الفعلية بين الرجال والنساء. ودور الدولة في الحد وتغيير الانماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمراة “

والمواد من (616) : ركزت على مجموعة مجالات موضوعية أساسية تحتاج الى عناية، وتتعلق بمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلالها في البغاء، وضمان المشاركة السياسية للمرأة على المستوى الوطني والدولي، وحق المرأة في اكتساب الجنسية أو الاحتفاظ بها أو تغييرها، وحقوق متساوية في التعليم، والعمل، والرعاية الصحية والحصول الصحة الإنجابية، وفي مجالات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

كفالة جميع الحقوق الواردة في الاتفاقية للمرأة الريفية لضمان تحقيق المساواة لها، وأمام القانون، وتنظيم الزواج والعلاقات الاسرية، والحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، وفي إدارة مشتركة لشؤون الأطفال، وتحديد سن أدنى للزواج وجعل تسجيل الزواج في السجلات الرسمية إلزامياً.

وتتناول أحكام المواد (1722) : إنشاء لجنة للقضاء على التمييز ضد المرأة وتعيين اختصاصاتها، وانتخاب اعضائها، واعتماد نظامها الداخلي، وتنظيم اليات عملها، وكذلك الزم الدول الأطراف بتقدم تقريراً دوري كل اربع سنوات، الى اللجنة المعنية حول الإجراءات التشريعية والإدارية لانفاذ أحكام هذه الاتفاقية، والتقدم المحرز في هذا الصدد.

وإصدار التوصيات العامة التي تتعلق بمحتوى التقارير والتحفظات والموارد، والمجالات والحالات لم ترد في الاتفاقية، لكنها تؤثر على وضع النساء وتحقيق المساواة وإلغاء التمييز.

كما تضمنت المواد (2330) أحكاماً ختامية تتعلق بتوقيع الاتفاقية والتصديق عليها والانضمام إليها وسريانها وتعديلها، وتجيز الاتفاقية التحفظات التي تبديها الدول وقت التصديق أو الانضمام، او سحبها، والية التحكيم بشأن أي خلاف ينشأ بين الدول الأطراف، حول تفسيرها أو تطبيقها، يمكن الرجوع به الى التحكيم او محكمة العدل الدولية.

في عام 1999 صدر بروتوكول اختياري ملحق بالاتفاقية يعطي للجنة سيداو الحق بتلقي الشكاوى بشكل فردي او جماعي والتحقيق فيها حول الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في نطاق الاتفاقية.

صادق العراق على اتفاقية سيداو، بالقانون رقم 66 (1986)، ونشر التصديق في جريدة الوقائع العراقية العدد (3107) بتاريخ 21/7/1986

رغم ان العراق صادق عليها لكنه متحفظاً على:
المادة (2) / الفقرتين (و – ز): اللتان تتعلقان باتخاذ تدابير لتغيير او ابطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات، وتشكل تمييزا ضد المرأة. ومن الجدير بالذكر، وجود نص مماثل في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية صادق عليه عليه العراق، بدون تحفظ، بالقانون 193 (1971)، ولازال نافذاً كونه لم يُعدل ولم يُلغى، ومحمي بالمادة 130 من الدستور.

وكذلك التحفظ على المادة (9) المتعلقة بالجنسية التي رفع التحفظ عنها بموجب الفقرة ( أولاً ) من المادة (18 /2) من الدستور العراقي، التي نصت على؛ “يعد عراقياً كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية”، التي بموجبها صدر قانون الجنسية العراقية رقم 26 (2006)، كما شرع مجلس النواب القانون رقم 33 (2011) المتضمن إلغاء تحفظ جمهورية العراق على المادة (9) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المنصوص عليه في المادة الثانية من قانون تصديق الاتفاقية رقم 66 (1986).


كما تحفظ العراق على المادة (16)، التي تنظم العلاقات الزوجية، التي تماثل المادة 23من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي سبق أن صادق العراق في عام 1971 على بدون تحفظ، الذي يُعتبر جزء من النظام القانوني العراقي.

علما ان قانون الأحوال الشخصية رقم 188 (1959) وتعديلاته، اخد بأفضل القواعد الفقهية للشريعة وأكثرها ملائمة لروح العصر، وحولها إلى أحكام قانونية لتنظيم العلاقات الاسرية، لجميع العراقيين المسلمين بدون تمييز بسبب المذهب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى