6 أشهر سجن لقاتل طيبة.. ما رسالة القضاء للمرأة ؟
![](https://iraqiyat.iwn-iq.org/wp-content/uploads/2023/09/64617118_304-780x470.jpg)
8 أيلول 2023
فاتن خليل
لم يمر عام على مقتل المدونة العراقية طيبة العلي على يد والدها بعد عودتها من تركيا، في محاولة لترميم علاقتها مع اسرتها، حتى صدر حكم صادم، بحبس والدها بحكم مخفف ٦ أشهر فقط.
اشتهرت طيبة العلي على منصة انستغرام، إذ كانت تنشر مقاطع فيديو قصيرة توثق فيها حياتها اليومية، قصص لم تتعدى الحديث عن وجبات الطعام والقهوة المفضله لها .
كل شيء كان عادياً وهادئاً، قبل أن ترتبط بشاب سوري وقررت الزواج منه، وهو أمر رفضته العائلة بشدة، كما يقول مقربون منها، ليتطور الرفض إلى تهديد بالقتل.
رغم ذلك، عادت طيبة إلى العراق، كانت تظن أنها قادرة على تسوية الخلاف، ولم يخطر في بالها أن تهديد العائلة لم يكن مجرد كلام من أب غاضب.
واستنجدت طيبة بعد وصولها إلى العراق، بمسؤول رفيع الشأن في وزارة الداخلية، وكتبت رسالة تحذير على حسابها الشخصي في انستغرام، وانتهى الأمر حينها بتعهد خطي وقعته الأسرة للشرطة المجتمعية، بعدم التعرض لطيبة، لكن كل ما حدث لاحقاً كان كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
غادرت الشرطة المجتمعية منزل العائلة بالتعهد الخطي، وتركت طيبة هناك، مع الأسرة؛ تركت لمصيرها حيث قتلت خنقاً ليلة ٣١ كانون الثاني الماضي، على يد والدها، الذي سلم نفسه للشرطة على الفور.
حينها، بدت قصة طيبة لكثيرين في مواقع التواصل الاجتماعي، مجرد فتاة هاربة لقت حتفها في منزل عائلتها، لكن أصدقاءها كشفوا مفاجأة كان يمكن أن تقلب القصة رأساً على عقب، لدى القضاء وأجهزة التحقيق الجنائية؛ وهذا لم يحدث أبداً.
وأظهر أحد المقاطع صوت طيبة وهي تقول لوالديها إنهما يعلمان يقينا سبب سفرها لتركيا، “شقيقي تحرش بي، والتزمتا الصمت طوال هذه السنوات”.
بعد مقتل طيبة على يد والدها وفشل الجهات المعنية بحمايتها خيم جو من الصمت والحزن على النساء وسرعان ما تحول كل هذا إلى غضب، ساعد على تنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بوقف الجرائم الممنهجة ضد النساء، لكن دون استجابة من السلطات المعنية، رغم أن قضية طيبة لا تندرج تحت بند جرائم الشرف الذي يتطلب وجود حالة تلبس وشهود عيان.
ولكن الخذلان كان قوياً، فلم يخرج حكم المحكمة إلا منسجماً مع احكام القبيلة، بحكم مخفف بدا أنه تعاطف مع القاتل على حساب الضحية.
ما الذي تحتاج المرأة ان تفعله كي يسمع القضاء صوتها؟ الا يكفي وجود تسجيلات صوتيه توضح تعرضها للتحرش من احد محارمها “اخيها”؟ نجدتها بالقانون لانقاذها؛ كل هذا لم يشفع لها امام مطرقة القاضي التي دقت المسمار الاخير في نعش حقوق المرأة العراقية.
وكأن رسالة القضاء للمرأة كانت “تعرضي للتحرش والتعنيف والتهديد ولكن إياك وطلب النجدة من السلطات، والخروج لانقاذ نفسك“ لاصوت لك ولا حق انت حبيسة الدار والعادات ما حييت.
هل يرى القضاء حرية المرأة وارتدائها للملابس القصيرة جرما اشد خطورة من تحرش محارمها بها وتعنيفهم لها.
شرطة التعهد الخطي!
ما دور الشرطة المجتمعية غير إصدار أوراق لا قيمة لها لا يمكنها حماية أحد؟
كان غضبي وغضب النساء عارماً ونحن نرى اجهزة الشرطة تنشر على صفحاتها أخباراً عن إعادة المعنفات إلى الأهالي وهم يقومون بدور “طباب الخير”، دون التأكد من أن هذا الإجراء يسلم الضحية للجلاد.
اقتل ابنتك واحصل على حكم مخفف
حكم القضاء كان رخصة شفوية ومكتوبة للرجال للبدأ ب “ تطهير” منازلهم من المتمردات على تحرش المحارم والعنف الاسري وتخويفا للنساء ليلتزمن الصمت ويعلمن ان مكوار العشيرة اقوى من سلطة الدولة.