بين تقارير الانتحار وصمت العدالة… رحلت بان زياد

بان زياد… المظلومة التي قُتلت مرتين…
في العراق، حين ترحل امرأة في ظروف غامضة،هناك تهمتان جاهزتان تُسجَّلان في محاضر التحقيق”غسل العار” أو “الانتحار” وما بين هاتين التهمتين تُدفن الحقيقة، ويُدفن معها صوت الضحية وحقها.
بان زياد، الطبيبة الشابة، التي قيل إنها أنهت حياتها بيدها
لم يكن رحيلها مجرد خبر عابر فالألم الذي تركته صورها وابتسامتها التي لا تفارق وجهها جعل فكرة انتحارها عصيّة على التصديق،كيف يمكن للفتاة التي كانت تشتري أجمل الفساتين وتنسّق ألوانها بعناية وتقتني العطور المميزة وتلتقط صوراً تفيض بالحياة أن تختار الموت بهذه البشاعة؟
لقد بحثت في صورها وفيديوهاتها… لم أجد ولو صورة حزينة واحدة !
كل ما وجدته هو وجه مضيء وابتسامة صافية ونظرة محبة للحياة، فكيف للفتاة التي أحبّت نفسها وحياتها أن ترتكب تلك المجزرة بجسدها و بهذه الطريقة المروّعة؟
ثم يأتي من يقول
لنا إنها “انتحرت”!!
ليست هذه المرة الأولى التي تُتهم فيها امرأة بالإنتحار
لكن ما يرفضه القلب والعقل أن تتحول بان من ضحية إلى متهمة وأن تُقتل مرتين،مرة بجريمة بشعة ومرة أخرى بتقرير رسمي يتجاهل التمثيل بجسدها ويلوح الى أنها انتحرت ليقتل بذلك حقها ويغلق ملفها.
منذ أيام وأنا أخوض في تفاصيل هذه القضية لا أفهم لماذا أشعر بهذا الارتباط الغريب بهذه الشابة …
صور بان وابتسامتها تلاحقني ثم تغزوها مشاهد الفظاعة التي ارتُكبت بحقها…
يلومني البعض على إصراري واتهامي بعدم الحياد في قضايا النساء، لكن يشهد الله أن هذا الاهتمام ليس خياراً وليس انحيازاً بل إحساس داخلي يجبرني على المتابعة و الكتابة و المناشدة والتحشيد لحقها.
قد يُشكل عليّ البعض عندما أقول بإني لا أبحث عن اسم القاتل بقدر ما أبحث عن اعتراف رسمي يؤكد أن ما حدث هو جريمة قتل وتمثيل بالجسد لإننا في بلد اعتدنا فيه على إفلات المجرمين من العقاب وفقدنا الأمل في الدنيا ولم يتبقْ سوى الإيمان بقصاص الله العادل على أمل ان تظهر الحقيقة ولو بعد حين …
لهذا مازلتُ أرفض أن تُدفن الحقيقة مع بان لإن هذا أشد الظلم و لا يمكن السكوت عنه
أرجوكم… لا تنسوا بان.
لا تظلموا روحها بنسيان قضيتها.
اكتبوا و طالبوا و ناشدوا وافعلوا كل ما تستطيعوا
فروحها الآن تحوم حولنا تراقبنا وتنتظر موقفنا
لا تخذلوها… ولا تتنازلوا عن حقها.
بان زياد قضية ظلم مركب
منار الزبيدي