نوروز .. العيد الذي يحتفل به اكثر من 300 مليون حول العالم

يعد نوروز العيد الوحيد الذي يُحتفل به من قبل قوميات وأديان وشعوب مختلفة عبر القارات وبمظاهر احتفالية ضخمة وباذخة أحياناً. وهو عطلة رسمية في الكثير من البلدان مثل إيران والعراق و قرغيزستان وأذربيجان وغيرها من الدول التي تعترف حكوماتها بهذا العيد.
يحتفل في الوقت الحالي ما يزيد عن 300 مليون شخص بهذا العيد حول العالم حسب منظمة اليونسكو التي أدرجت العيد في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في العام 2009.
لكن لم يكن نوروز دائماً محط ترحيب لدى السلطات والحكومات المتعاقبة على مر الزمن، فقد كان محظورا في العديد من البلدان لأسباب مختلفة منها قومية وأخرى دينية، لذا كانت تقام الاحتفالات بطريقة شبه سرية أو مستترة تحت اسم أي مناسبة أخرى.
ففي سوريا وتركيا على سبيل المثال، كان الاحتفال بنوروز ممنوعاً باعتباره عيداً قومياً كردياً يعزز من الروابط القومية الكردية ولأنه "يهدد أمن البلاد" كما كانت تدعي الحكومات سابقا.
ثمة روايتان لأصل العيد، إحداها كردية وأخرى فارسية. ولكن المشترك بين جميع الشعوب التي تحتفل به هو أنه عيد الربيع ودورة الحياة الجديدة التي تمد الإنسان بالطاقة وتزهر البراعم وتخرج الحيوانات من جحورها بعد برد الشتاء.
تقول الرواية الكردية إن الشعوب الآرية (الفرس والأكراد والبشتون والطاجيك وجزء من الأوزبكيين والبلوش وغيرهم) كانت تعيش في بقعة جغرافية توالت عليها الامبراطوريات، وإيران جزء من تلك الجغرافيا حاليا.
وعانت تلك الشعوب من ظلم ملك كان يُدعى (أزدهاق أو الضحاك). كان يفتك بالشباب ويقتلهم ظلماً، حتى ثار عليه أحد الشباب، وهو كيخسرو الملقب بـ "كاوا الحداد" الذي كان حفيد دياكو، مؤسس الامبراطورية الميدية في 701 -648 قبل الميلاد.
وتمكن كاوا الحداد في النهاية من قتل الملك، وخرج إلى الجبل لإرسال إشارة إلى الناس ، وكانت عبارة عن شعلة من النار. ومنذ ذلك الوقت، أصبح تقليد إشعال النيران في ليلة نوروز رمزا تاريخياً يدل على "اليوم الجديد والحرية والنصر".
تقول الرواية الفارسية إن هذا العيد يجسد انتصار النور على الظلام، الخير على الشر منذ آلاف السنين. ويُحكى أن ملكاً فارسياً كان يُدعى جمشيد بن طهمورث، وكان يتمتع بقدرات خارقة وهبه الإله له دون البشرية جمعاء، وتشبه قصته إلى حد كبير قصة النبي سليمان، فكلاهما عُرف عنهما تمتعهما بقدرات خارقة كالتحدث إلى الجن وحكمهم وغير ذلك.
وتقول الرواية إن جمشيد جاب بقاع الأرض من شرقها إلى غربها محمولاً من قبل الجن، على سرير مرصع بالجواهر، وعندما جلس على العرش في نهاية المطاف، كان أول يوم من أيام الربيع، فابتهج واحتفل مع الشعب وعمت الفرحة الجميع، ليكون يوم 21 مارس/آذار أول أيام الربيع، عيداً يحتفل به الناس كل عام.
مائدة "هفت سين"
كما يسود اعتقاد لدى الإيرانيين منذ آلاف السنين بأن أرواح أقاربهم وأحبائهم الموتى، تزورهم في أيام نوروز المباركة، لذا يحرص الإيرانيون على تزيين مائدة نوروز بكل ما لذ وطاب مكونة من سبعة أشياء تبدأ بحرف السين ليسعدوا الأرواح الزائرة، وتسمى بـ"هفت سين" , ولكل واحدة من الأشياء دلالتها.
وتتكون مائدة "هفت سين" من سبعة أشياء، وهي الخل (سيركه)، ويرمز للنضج الذهني والسلوك الحكيم، وسنبل(سنبلة)وترمز إلى الطبيعة، وعملة معدنية (سكّه) وترمز للثروة، والعشب أو الخضراوات (سبزه) وترمز للحياة الجديدة، وسير(الثوم) وترمز للعلاج والصحة، و(سمنو) حلوى إيرانية تقليدية وترمز للوفرة والبركة و(سنجد) وهي ثمرة برية تشبه العناب وترمز إلى الحب والعطاء.
وقد يعوض عن واحد منها بالتفاحة (سيب) أو السماق. ولجميع هذه النباتات قدسيتها في الديانة الزرادشتية التي تقدس الطبيعة.
مقتبس من تقرير للـ BBC