تقارير وتحقيقات

كردي يحب البصاروة أكثر من نفطهم!

دانا أسعد

 قد لا أكون أول إعلامي كردي، أمضى زمناً طويلاً في التزام الحقائق، ينكأ جرح الكراهية بين العرب والكرد، مثلما أفعل هنا الآن! لا أعرف، أيضاً، إنْ كانت هذه الطريقة المثلى لاستئناف الكتابة باللغة العربيَّة، مختاراً عودةً كهذه!

الخبر السيئ، ولا أملك أخباراً سعيدةً كثيرة هنا، أنني كردي عالق بين بغداد وكردستان، أراقب السبل تتقطع في ما بينهما من دون أنْ يبادر طرف ما لفعل شيء، بل إنَّ كل ما أراه، ونراه جميعاً، تعمدٌ مريبٌ في تغذية القطيعة بأفكار مطبوخة وبمعلومات من الصعب إثبات زيفها.

كنتُ منذ أنْ وطأت قدماي أبواب بغداد مُرحَباً ومغموراً بابتسامة المضيف العربي المطمئن الذي طالما أحبني ككردي. صرت اليوم مكروهاً منذ أنْ وجدت نفسي، سارقاً ناهباً لنفط البصرة. كان عليَّ أنْ أصدق أنَّ للكردي كرشاً منفوخاً ببراميل الجنوب!

الحق يقال، إنني لست كردياً من الطراز الذي خلقه وابتكره الإعلام في بغداد وأربيل؛ يفاقم الكراهية بالكراهية مستخدماً التظليل، مهملاً تدفق الأكاذيب من دون أنْ أوقفها بالحقائق.

أزعم أنني اجتهدت في تصحيح الصورة النمطيَّة عن العرب خلال العقدين الماضيين! محاولاً تقليل الحقد والكره الكردي تجاههم، في حين كانت مهمتي أسهل بكثير مع العرب الذين طالما أحبوا الكرد بصدق.لكن دوام الحال من المحال، كما يقال!

آخر مرة كنت في بغداد، في وقتٍ قريب، تعرفت على خطايا بغداد وأربيل، لكن بغداد الكبيرةُ، معنىً ودلالةً، تسقط في صغائر النزاع، تغذي جمهورها بما يكفي حتى تسحقني الغربة في الكرادة والمنصور والأعظمية، كردياً لصاً يتجول بين خراب المغتصبة حقوقهم. بينما تغذي كل هذا وتبقيه متدفقاً أسلحة إعلاميَّة ومنصات تعمل على مدار الساعة، ولو اختفت هذه التغذية سيفقد كثيرون نفوذهم ويخسر قادة وزعامات صلتهم بالجمهور.السياسي العراقي، لا يكترث كثيراً لحجم الشرخ الموجود بين المكونات، إذ يجد في الكراهية التي تجذب الانتباه في «فيسبوك» مصدراً وفيراً لتعظيم النفوذ. لقد باتت الشعبوية عنصراً أساسياً في فلسفة التحزب في العراق.

هكذا، صار من غير المهم أنْ تكرهني ككردي بل المهم عدد الأصوات التي سيحصل عليها سياسي من كرهك لي في الانتخابات المقبلة.

أنا العالق بين العرب والكرد، اكتشف من دون تنزيه لأبناء قوميتي ومن دون إنكار لأخطاء زعاماتها، أنَّ الكره الموجه ضد الكرد مصدر رزق سياسي وفير، وكلما ازداد النبذ هنا ثمة نفوذ سياسي يكبر هناك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى