فيلم رعب في مستشفى اليرموك ..!!
كتب حسام السراي
كنّا مجموعة في زيارة والد صديق لنا، تعرّض إلى جلطة دماغيّة، قاصدين مستشفى اليرموك حيث الطوارئ هناك، فكانت الصدمة أكبر من استيعابنا السابق لتردّي مستوى الخدمات والرعاية الصحيّة المطلوبة لعموم الناس.
فضاء الطوارئ مرصوص بالأسرّة وهو مُحتشد بأهالي المرضى، صراخ ونساء ينتحبنَ لأنّ إبنهم غادر الحياة للتوّ، وإبنة تبكي أباها وتناشد الموجودين إسعافه بسرعة، إلا أنّ حال طوارئ “اليرموك” يعجّلُ من ممات أيّ إنسان مخطور وهو يرى كلّ هذه المآسي، وكيف يُترك المريض على السرير بلا متابعة لازمة.
نحن لا نلوم الكادر الطبيّ الذي وجدته يتحرّك ويتصرّف وفق الممكن، إلا أنّها مسؤولية من هو أعلى سلطة منه، ونعني وزير الصحة الجديد الذي لا ندري كيف يقبل ببقاء حال “اليرموك” ومستشفيات غيرها على هذا المنوال، بعد كلّ هذا المديح لشخصه بأنّه “تكنوقراط” وأتى في وقته ليحل مشكلات هذا القطاع!
المفارقة أنّ المستشفى تقع في حيّ حافظ على نظافته وبناياته بعض الشيء، وليس مثل أحياء أخرى تدهور واقعها وعمارتها، لذا فإنّ هذا المركز الصحيّ في أسوأ حال يمكن أن يكون عليه مكان خاص للعلاج والاستشفاء.
كنّا أمام بثّ مباشر يظهر لنا مقطعاً من مقاطع سيرة الدولة الفاشلة، إذ كيف تقبل الإدارة الجديدة لوزارة الصحة ترك المراجعين في دوامة الفوضى والإهمال، وبائن جدّاً فقر الإمكانيات أمام ضغط المراجعات والمراجعين الذين كثير منهم في وضع حرج.
ملف الصحة في العراق، يحتاج، لوحده، إلى اعتصام في الساحات واحتجاج مستمرّ، حتّى يتغيّر ما نراه من تراجع واستهانة بحياة العراقيّين.
أين رئيس الوزراء “الإصلاحي” من كلّ ذلك؟ وأين وزيره الخبير الأممي والطبيب والأكاديمي؟ بل أين مدير المستشفى وهل في هذا المكان مدير فعلاً؟
أخيراً، تذكّرت عنواناً اختاره الكاتب والطبيب النفسي الأميركي إيرفن د. يالوم لروايته، وهو “عندما بكى نيتشه”، لأقترح استعارته أمام فيلم الرعب الذي شاهدناه خلال ساعة كاملة، ونبدّل فيه قليلاً ليكون “عندما بكى العراقيون على حالهم”، وبجد أقول للذي يريد أن يكتب فصول هذه الرواية، إذهب إلى مستشفى اليرموك، هناك تجد أبطالك وكلّ الوقائع المطلوبة لعملك المقبل.