عيش وشوف”.. البغادة تداولوا هذه العبارة كثيراً و”المترو” لم يعلّق أو يدخل الأنفاق

12 فبراير 2024
يقترب مشروع “مترو” بغداد للدخول في واحدة من حكايات “ألف ليلة وليلة”، لكن في نسخة مغايرة قد تشهد اضافات جديدة تعبر عن السخرية والتهكم أو الضحك احيانا، كلما اعيد الحديث عنه، لاسيما سكنة العاصمة بغداد الذين تؤرقهم اختناقات الشوارع اليومية، ومع هذا، لا ينقطع الأمل في أمكانية تنفيذه، اذا ما أعيد للواجهة بصورة رسمية.
وعلى الرغم من ان تاريخ مشروع “مترو بغداد” يعود إلى عام 1980، حين قامت شركة “DBP” البريطانية بتصميم المرحلة الأولى للمترو والبالغ كلفتها 1.8 مليار دولار، الا ان هذا التاريخ توقف مع دخول العراق في حرب طويلة مع جارته ايران، واعيد الحديث عنه بعد 4 سنوات في العام 1984، اذ قدمت شركة برازيلية تصميم متكامل لتوسعة تشمل الخطين الأول والثاني من مشروع المترو.
بعد عام 2003 عادت الحياة للحديث عن المشروع من جديد، لكنها دورة حياة تناقلتها شركات استشارية متعددة فيما بينها، وكانت الغلبة للشركات الفرنسية في توقيع العقود أمام وسائل الاعلام، اما على الارض لم تظفر العاصمة بخدمات هذا المشروع، بل على العكس، دفع العراق أموالا وضيع أخرى لأسباب لا يمكن تصديقها.
مشاكل في الترجمة
تتضح عدم جدية الحكومات المتعاقبة على تحقيق وانجاز هذا المشروع لأسباب مختلفة، لاسيما بالعودة الى خسارة العراق مبلغ 40 مليون دولار لصالح شركة “الستوم” الفرنسية، على خلفية “مشكلة في الترجمة الحرفية” فيما ان كانت الشركة ملزمة بالتصميم والتنفيذ أم فقط في آلية التصميم، وبعد الدخول في نزاعات قانونية حسم الأمر لصالح الشركة وذهبت الاموال لصالحها، فيما تركت التصاميم في رفوف أمانة بغداد، وهذا الأمر كان في العام 2020، والمعطيات سجلتها اطراف رقابية وتحدثت عنها طويلا.
وقبل هذا التاريخ بعشرة اعوام، أي في عام 2010، قالت أمانة بغداد ان هناك 8 شركات عالمية تتنافس على عقد تحديث الدراسات والتصاميم وتنفيذ مشروع مترو بغداد وبكلفة تتجاوز ثلاثة مليارات دولار، وقال أمين العاصمة آنذاك انه تم التعاقد مع شركة سيسترا الفرنسية كاستشاري لإعداد المتطلبات والرؤية الأولية التي تقدم للشركة المنفذة، وعلى اساسها تقدم عروضها النهائية لتنفيذ مشروع المترو.
وانتظرت بغداد 4 اعوام اخرى قبل ان يعلن مجلس المحافظة في عام 2014 ان شركة الستوم الفرنسية أنهت بشكل كامل تصاميم قطار بغداد المعلق وقامت شركة ألمانية بتدقيقها، وأن الشركة الفرنسية التي صممت المشروع ستقوم بتنفيذه اذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع شركات أخرى.
وذكر المجلس آنذاك، أن كلفة المشروع وصلت الى مليار و500 مليون دولار مخصصة ضمن مشروع تنمية الأقاليم وسيتم تسديدها على شكل أقساط على مدى ست سنوات، وأن تنفيذ المشروع لن يكون عن طريق الاستثمار بسبب كلفته العالية.
ذهبت الشركات العالمية وجاءت الماليزية واللبنانية
في نهاية عام 2023، قرر مجلس الوزراء العراقي، المضي باستكمال المشاريع التي تأخر الشروع بها وبضمنها مشروع مترو بغداد، ووافق المجلس على إدراج “إعداد التصاميم والإشراف على تنفيذ مشروع مترو بغداد” ضمن جداول الموازنة الاستثمارية لأمانة بغداد لعام 2023، وبكلفة كلية تقدر بنحو 913.8 مليار دينار، على أن يتم تحميل تكلفة المشروع كاملة للمستثمر لاحقا.
وقبل يومين، أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فرصتين استثماريتين لمشروعي “مترو بغداد” و”قطار كربلاء- النجف”، إذ سيرتبط المترو بالمدن السكنية الجديدة، فيما سيعمل القطار السريع على إنهاء الزخم المروري في الزيارات المليونية.
وقال مدير عام الدائرة الاقتصادية والفنية في الهيئة الوطنية للاستثمار، عمار عبدالجبار موسى، إن كلفة المشروع تصل إلى 20 مليار دولار وسينقل 3.5 مليون شخص يومياً وستصل سرعته إلى 140 كيلومتراً في الساعة.
وأضاف موسى في تصريحات صحافية، أن “مترو بغداد سيغطي 85 في المئة من العاصمة ليستخدمه من 30 إلى 35 مليون راكب شهرياً وجرى التعاقد مع مكتب استشاري ووضعت له موازنة خاصة”، موضحاً أن “خريطة المشروع ستشمل 14 منطقة من مناطق بغداد وسيربط مواقع محددة من الزعفرانية والبلديات والكاظمية والعلاوي وساحة ميسلون والبياع والأعظمية ومنها ينطلق إلى مطار بغداد الدولي”.
واوضح، انه تم التوقيع على العقد الاستشاري للمشروع مع شركتين ماليزية ولبنانية وسيتم وضع خطة لوضع مسارات الطريق لأنه طويل وسيواجه تقاطعات ولذلك سيتم التحويل عبرها من طريق الجسور أو الأنفاق.
هل يعود التنفيذ للفرنسيين؟
يرجح مختصون بالشأن الاقتصادي، أن تتبنى شركة فرنسية المشروع، مع الحاجة الى ائتلاف من عدة مؤسسات مالية، لإنجاز المشروع هذه المرة، فضلا عن ضمانات تعطى للمستثمرين ليكون هناك إقبال على الاستثمار على هذا القطاع وشراء الخدمة من الزبائن مما سيسهم في تخفيض استهلاك الوقود وتخفيض الازدحامات فيما ستكون الحكومة الرابح الأكبر.