طلبت التفريق لمرض زوجها بكورونا..
أثار طلب تقدمت به زوجة للطلاق من قرينها، موجة من ردود الأفعال بعدما ادعت أن زوجها مصاب بفيروس كورونا وأن من الاستحالة شفاءه.
وتشير الإحصاءات العالمية إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الطلاق منذ تفشي الجائحة في ووهان الصينية بداية العام الحالي، إلا أن المتخصصين أرجعوا ذلك إلى حالة الإغلاق العام التي يعيشها العالم والحجر المنزلي المتبع في أغلب البلدان ما يشكل توترا عائلياً وخلافات بين الأزواج، إلا أن أحدا لم يتوقع أن إصابة أحد الزوجين بالفيروس قد يكون سببا للطلاق!.
وتذكر الزوجة في طلبها الذي قدمته لإحدى محاكم الأحوال الشخصية في بغداد وانتشر في مواقع التواصل الاجتماعي أنها تطلب من المحكمة استدعاء زوجها الذي يرقد في مستشفى النعمان والحكم بالتفريق بينهما لإصابته بالفيروس واستحالة شفائه منه، كما تعبر.
وبعيدا عن قبول أو رد دعوى التفريق التي تقدمت بها هذه الزوجة، كيف ينظر القضاء لمثل هذه الدعاوى من الناحية القانونية؟
يقول القاضي مرتضى الغريباوي إن "المشرع العراقي أعطى الحق للزوج بإنهاء العلاقة بعد أن يردد الصيغة الشرعية لإنهاء لعلاقة الزوجية بأشكالها المعروفة"، لافتا إلى أن "المشرع أجاز للزوجين أيضا حق انهاء العلاقة الزوجية بطلب من القضاء وفق دعوى يقدمها إلى المحكمة استنادا إلى المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية".
وتنص المادة (40) على أن "لكل من الزوجين طلب التفريق عند توافر احد الأسباب الآتية: 1- إذا اضر احد الزوجين بالزوج الآخر او بأولادهما ضررا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية. ويعتبر من قبيل الأضرار، الإدمان على تناول المسكرات او المخدرات، على ان تثبت حالة الإدمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة. ويعتبر من قبيل الأضرار كذلك، ممارسة القمار في بيت الزوجية…. الخ".
ويرى الغريباوي أن "هذا النص القانوني متطور لأنه نص بوجوب التفريق على الضرر ولم يحدد ماهية الضرر، لكنه اشترط تعذر استمرار الحياة الزوجية معه سواء أكان هذا الضرر اصاب الزوجة أو الأولاد، وترك نسبة تحديد الضرر للمحكمة واجتهاد القاضي، وذكر حالات على سبيل المثال منها الإدمان على المسكرات وهذا يجب أن يثبت بتقرير علمي طبي، وكذلك ذكر على سبيل المثال ممارسة القمار في بيت الزوجية".
ويكمل القاضي "كون هذا النص مرناً وغير محدد فأن هذا يعزز إمكانية تطبيقه على كافة الحالات المستجدة ومنها ظرف الوباء الحالي، فالزوجة بإمكانها تقديم دعوى تفريق لكن مسألة قبولها أو ردها فيها نظر، فالأمر يحتاج إلى رأي فني طبي ويبقى تقدير الضرر عائداً إلى المحكمة، فأن ثبت هذا المرض يسبب ضررا للزوج الآخر بشكل يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية فالمحكمة تسير بإجراءات الدعوى واذا ثبت علميا العكس فترد الدعوى".
وعن الأمثلة التطبيقية أو الحالات المشابهة، يستذكر الغريباوي دعوى تفريق بالاستناد إلى المادة 40/ أولا من قانون الأحوال الشخصية "أقامها زوج يزعم أن قرينته مصابة بالتهاب الكبد الفيروسي من النوع الشديد المعدي، بما يشبه حالة الفيروس المستجد".
وأكمل أن "الزوجة تمت إحالتها إلى لجنة طبية متخصصة بغية الكشف عنها، وبعد الكشف أوضح الرأي الفني أن المرض لا يؤثر على استمرار الحياة الزوجية إذا ما استعملت المريضة عقارا طبيا متوفرا، ثم أصدرت المحكمة قرارا برد الدعوى".
وردا على سؤال حول تعامله مع مثل هذه الدعوى لو وردت إليه شخصيا، يجيب القاضي الخبير بشؤون الأحوال الشخصية "إذا رفعت أمامي مثل هذه الدعوى ومع ورود الرأي الطبي الصريح، لا اعتبر هذا المرض كافيا لإنهاء الحياة الزوجية لأنه أمر خارج عن إرادة الزوج أو الزوجة، وبحسب التجارب المعاشة فأن بالإمكان الشفاء منه، فغالبا يكون القرار غلق الدعوى مع عدم ثبوت الادعاء".
وحول ما إذا كان الرأي الطبي هو الحاسم في هذا الموضوع، يجد الغريباوي أن "التقرير الفني غير كاف على اعتبار أنه رأي علمي قائم على الظن بمعنى أنه يحتاج الى قرينة من شأنها تعزيز الادعاء حتى تصل المحكمة إلى حكم ناجع يمسّ الحقيقة".
ويعود الغريباوي ليشيد بالنص القانوني في المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية "كونه يتسع للحالات المستجدة والمتطورة ويمنح القاضي مرونة في الاجتهاد والقياس على الرغم من أن التشريع صدر منذ زمن بعيد".
أما عن الأمراض الأخرى التي لا يمكن معها استمرار الحياة الزوجية كالعقم مثلا، يقول الغريباوي أنه "إذا ثبت العقم لدى أحد الزوجين وفق تقارير طبية، فالمشرع هنا أفرد لهذا نصا خاصا بطلب التفريق، لكنه خص به الزوج دون الزوجة بحسب المادة 43 / أولا، إذ يذكر: يحق للزوجة طلب التفريق إذا كان الزوج عقيما او ابتلى بالعقم بعد الزواج ولم يكن لها ولد منه على قيد الحياة".
عمار المسعودي/ الفرات نيوز