المرأة والمجتمع المدني

د. ناهدة الأسدي.. أحبت التاريخ واختصت به

جمعت د. ناهدة حسين الاسدي الاستاذة في الجامعة المستنصرية صفات ومزايا عدة في شخصيتها، فهي لم تكن منغلقة على حياتها، فقد انفتحت على مجتمعها ولم تكن لها نظرة محددة بأساسيات وثوابت ان كانت دينية او اجتماعية او قومية او مذهبية، بل آمنت انها عراقية وهذه العراقية حتمت عليها ان تكون محبة للجميع ومتعاونة معهم، بل تندمج في هذه العراقية الى ابعد المديات، لانها تعرف ان الوطن من حق الجميع، وعلى كل من كانت له وطأة قدم على اديمه الطاهر، وكان له تاريخ فوقه لابد ان يحترم ويتمتع بحقوقه كاملة مثله مثل الاخرين في هذا الوطن.

 

الأجواء المناسبة

وأخبرتنا انها: كونت اسرة جميلة حيث رزقها الله بأربعة ابناء، ولدين اختصا بالهندسة وبنتين اختصتا بالتدريس ، بمشاركة زوج من قومية اخرى ،عميد سابق في الجيش شاركها السراء والضراء واحب البلاد التي قطنت اسرته بها منذ اكثر من 150 سنة حيث تولى جده الوالي المشير محمد رشيد الكوزلكلي ولاية بغداد في الدولة العثمانية  عام 1852 وتوفي عام 1857 وكان مشير العراق والحجاز.

ونهلت حب العلم  من جدها ومن والدين منحاها الدعم وغمراها بالعناية والرعاية ووفرا لها الاجواء المناسبة لتحقيق احلامها وطموحاتها.

وتقول: جدي هو العالم محمد ويسين قضى حياته في نشر العلم والمعرفة في مدينة الحلة والتي دفن فيها وسميت المنطقة باسمه “الويسية” وله مؤلفات كثيرة.

وتأثرت بشخصية والدتي غير المتعلمة التي كان لها اثر بالغ في تربيتي وتنمية شخصيتي وحياتي وانارت لي الدرب وأوضحت لي بان الحياة فرصة يجب ان تستغل قبل فوات الاوان. كما اثر والدي بي حتى في ملبسي وصلاتي والتزامي الديني وتوجهي بشكل دقيق وكان يرغب بان  نظهر بابهى صورة وغرس في نفوسنا أنا واخوتي وشقيقاتي حب العلم والاندفاع للتميز والتفوق. ولاانسى في هذا السياق دور زوجي الذي اكمل معي  طموحي وعلمي ووقف موقفاً مسانداً لي بكل شيء .

 

أثر العائلة

واشارت الى انها تحب السفر وتعتز بصداقاتها وتفتخر بما حباها الله من مزايا وتحترم الوقت وتؤمن بقدر الله. فتقول : اما السفر فهو تجديد للحياة واطلاع على ثقافة الشعوب الاخرى وراحة للنفس ومنح طاقة جديدة للانسان.

واضافت: احياناً يغلق الله سبحانه وتعالى امامنا باباً. لكي يفتح ابواباً اخرى افضل منه ولكن معظم الناس يضيعون تركيزهم وطاقتهم في النظر الى الباب الذي اغلق بدلاً من الامل الذي انفتح امامه على مصراعيه.

ومن اي مدينة انطلقت الى الحياة؟

من مدينة النجف الاشرف مدينة العلم التي جاءت من قول الرسول محمد صلى الله عليه وله وسلم  “انا مدينة العلم وعلي بابها”.

 

جبهات القتال

كيف تصورين لنا واقع المرأة العراقية؟

في ظل ظروف بالغة التعقيد عاشها العراق تميزت بعدم الاستقرار والحروب والازمات والاوضاع الاقتصادية المتردية وضعف الخدمات وانعكست على المجتمع العراقي وعلى البنية الاجتماعية وعلى التعليم والأمن ووقع ثقلها الكبير على كاهل المجتمع والأسرة، وبالتأكيد فإن العبء الأكبر وقع على المرأة بكونها الزوجة والأم والأخت وهي نصف المجتمع..

وبالتالي فان تحمل المرأة لكل هذه الظروف ومواجهتها والصبر أمامها وتحمل اعبائها هو بحد ذاته يعد تميزاً وثباتاً وقدرة لها . وقد اثبتت جدارة في التعامل مع الحياة الاجتماعية بظل هذا النوع من التحدي، حين ارسلت أولادها لجبهات القتال عندما تطلب الأمر ذلك، وتحملت بصبر وقدرة عالية فقدها لابنائها في الدفاع عن الوطن. فضلاً عن انها ام فاضلة ربت أبناءها على القيم ووفق أسس التربية الصحيحة وتابعت تعليمهم وحافظت على تماسك الأسرة، وكانت هذه من أعقد المهام والواجبات في ظل هذه التحديات وقد نجحت الى حد كبير في هذه المهمة..

وأضافت: وقد نشطت من خلال المنظمات الانسانية ومنظمات المجتمع المدني وخاصة التي تقودها المرأة العراقية في نشر الثقافة والوعي وتقديم الأعمال التطوعية المجتمعية. علاوة على انها شكلت جزءاً مهماً من مسار المشاركة السياسية، اذ انها خاضت ميداناً مهماً آخر من ميادين الحياة وكانت حاضرة في المحافل السياسية والاعلام وامام المجتمع..

مشاركة ايجابية

الى جانب انها عالمة ومقكرة واستاذة جامعية ومبدعة فقد شهدت المحافل العلمية والثقافية مشاركة فعالة للمرأة في الحياة الجامعية العلمية والاعلامية والثقافية، وأضحت  تنافس الرجل وتكمل دوره في وضع بصمة  لها في المجتمع، وبالتالي فهي ليست رقماً سهلاً في المجتمع، بل أصبح من المؤكد القول أنه لا يمكن أن تحقق النهضة والتقدم بدون امرأة واعية مثقفة مشاركة بشكل إيجابي في الحياة العراقية.

 

قضية تبنيتها في التاريخ ودافعت عنها؟

– تاريخ العراق العثماني من خلال رسالة الماجستير الموسومة”العراق في العهد العثماني الاخير من عام 1842_1857 – دراسة تاريخية”

وأطروحة الدكتوراه”النجف في العهد العثماني الاخير – دراسة سياسية اقتصادية واجتماعية 1831_1917”.

 هل اخترت في لجان تطوير مناهج او اقرار اسس قيمية مجتمعية او وضع افكار لمسألة معينة؟

-نعم بالتأكيد فقد شاركت في إطار خدمة المجتمع ومناقشة مناهج دراسية وخدمة العمل الاجتماعي والعلمي في لجان متعددة، فضلاً عن نشاطاتي في مجال المجتمع المدني والمشاركة في اعمال تعد في إطار ترسيخ أسس وقيم مجتمعية، زيادة على  المشاركة العلمية في المؤتمرات العلمية والثقافية والاجتماعية وتقديم أفكار وتصورات علمية موثقة في اعمال المؤتمرات الدولية، والان أشارك بفاعلية .والان أنا عضوة الأمانة العامة للاتحاد الدولي للمؤرخين الذي يهتم بشكل كبير في تقريب الأديان والشعوب وترسيخ الحوار والمشتركات.

 عبد الكناني / الصباح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى