فنون ورياضة

د. عواطف نعيم:” نحن رسل الجمال وصناع الحياة”

حوار – رغدة صلاح

كاتبة ومخرجة وناقدة وممثلة في المسرح العراقي والعربي، وواحدة من نساء عربيات يعملنَ على الظاهرة المسرحية تجريبًا وبحثًا وإنجازًا، تهتم بقضايا الانسان وهمومه الكونية، وتسعى للتعريف بدور المرأة العراقية في أزمنة الاستبداد والظلامية التي مر بها المجتمع العراقي، وتؤمن أن الإنسان الذي يقع عليه الظلم في موقف واحد يثور حين يتعرض الى القمع والترهيب، تعمل رغم العراقيل التي توضع لإعاقة حركتها لإيمانها أن ساحة الإبداع تسع الجميع ولا تجنيس فيها، فالمسرح ملعبها ومملكتها وعالمها الذي تنتمي إليه.. هكذا عرفت الفنانة والدكتورة عواطف نعيم نفسها في بداية هذا الحوار الخاص مع "عراقيات".

 

  • حصلتي على الماجستير والدكتوراه في الإخراج المسرحي… من أي دولة نلت شهاداتكِ العليا وفي أي عام؟

نلت شهاداتي الدراسية من جامعة بغداد  في الدراسات الأولية  البكالوريوس في العام ١٩٨٨ وكنت الأولى مكرر على كلية الفنون الجميلة وتم تكريمي من عمادة جامعة بغداد كواحدة من الطالبات المتميزات، بعدها أكملت الماجستير في الإخراج المسرحي وتخرجت بدرجة إمتياز في العام ٢٠٠٠ والدكتوراه في العام ٢٠٠٣ و تخرجت بدرجة جيد جدا عالي. وأيضا في الإخراج المسرحي وهو تخصصي الدقيق وتم طبع رسالتي في الماجستير وإطروحتي في الدكتوراه في دار ثقافة  الشارقة  وأصدرت على شكل مطبوع ثقافي  تم توزيعه في المكتبات والمهرجانات المسرحية.

 

 المسرح وسيط معرفي مهم وهو ضرورة اجتماعية لبناء الذائقة الفكرية والفنية للتنوير والمعرفة، وسلاح للتثقيف والتثوير والتعليم، لذا خاف منه كل ذي عقل ظلامي وحاول قمعه أو تدجينه أو تسيسه، وهو ووسيلة للتواصل مع الناس ومنحهم نعمة الجمال والمعرفة، ورسالة نحن من يكتبها ومن يقدمها ومن يحسن صياغتها، فنحن رسل الجمال وصناع الحياة، أنا أحب المسرح وأتماهى معه أتعلم منه وأتعلم من خلاله..

 

– برأيكِ ماذا ينقص المسرح العراقي اليوم ليكون على الأقل بالمستوى المقبول جماهيرًا؟

المسرح العراقي عريق وطليعي وهو مسرح متقدم وفاعل، وأنا لا أتحدث عن المسرح الاستهلاكي الذي هدفه الربح على حساب قيم الفن الحقيقي إنما أتحدث عن المسرح الجاد بشقيه الكوميدي والتراجيدي. ولكي ينهض المسرح بمسؤولياته يحتاج إلى دعم الحكومة ماديًا وفنيًا ولوجستيًا، إذ أن الفضاءات المسرحية التي لدينا فقدت الكثير من قدراتها على المستوى التقني والمعماري، نحتاج إلى تدريب الكوادر الفنية في ورشات عمل وتدريب الشباب من خلال دورات خارج العراق في الدول التي تعنى بالمسرح.  نحتاج إلى خطط وبرامج لتفعيل الحركة المسرحية في العراق، ليس في بغداد فقط بل في المحافظات العراقية، ولا ننسى المعاهد والأكاديميات التي تعني بالمسرح، وعلى الحكومة أن تضع ضمن موازناتها السنوية ميزانية خاصة للمسرح والدراما للنهوض بها من خلال مؤسساتها ومنافذها الفنية.

 

المرأة العراقية قدمها المسرح العراقي منذ عقود بما يليق بها وبتأريخ نضالها منذ (أني أمك يا شاكر) للكبير يوسف العاني حتى الأمهات في (انتظارات مرّة) لعواطف نعيم. قدم المرأة العراقية المناضلة والام العاملة والأخت الثائرة والزوجة الحافظة للبيت والأسرة والعاشقة التي تنتظر عودة من تحب من نيران الحروب والفقدان، لذا هو منحها ما تستحق من إحترام وإعتراف وإمتنان لكل ما قدمته خلال مسيرتها الاجتماعية والوطنية، وما زال الكتاب يكتبون والمخرجون يقدمون والمسرح العراقي الذي أتحدث عنه هو الجاد والمنتمي للوطن وقضاياه وليس الاستهلاكي الذي يتاجر بالفن لأجل الربح..

 

كل الأعمال التي قدمتها للمسرح العراقي والتي أغلبها من تأليفي أو قراءتي لنصوص أجنبية أو قصص قصيرة هي أعمال تحمل بصمتي وتمثل فكري ومبادئ أؤمن بها وتحمل قضية أدافع عنها، وبذلت فيها جهدًا عقليًا وعاطفيًا وجسديًا، ووضعت فيها من روحي ومشاعري ما يجعلها عزيزة علي، كل الأعمال قريبة إلى قلبي وجزاء مني لذا لا أستطيع منح أحدهم تميزا عن الأخر، كل عمل فني قدمني خطوة ورفعني درجة في الفن والثقافة وفي محبة الناس وإحترامهم سواء المسلسلات الإذاعية والنصوص التلفازية والعروض المسرحية.

 

  • حدثينا عن سبب اعتزازكِ الكبير بجائزتكِ "أبو القاسم الشابي للأبداع الادبي" التي نلتها في العام 2019 عن افضل تأليف مسرحي؟

جائزة أبو القاسم الشابي واحدة من المحطات المهمة في مسيرتي الفنية لأنها جاءت بعد تنافس مع (٤٩) كاتبًا عربيًا من أرجاء الوطن العربي ومتخصصة بالنص المسرحي الناطق باللغة العربية الفصحى وتحمل إسم الشاعر العربي الكبير أبو القاسم الشابي، وتشرف عليها وزارة الثقافة التونسية والبنك التونسي وتتكون لجنة التقييم من مجموعة من المتخصصين في الفن المسرحي من العرب والتونسيين، وأن أكون أول إمرأة عراقية وعربية تفوز بهذه الجائزة فهو مكسب كبير ومنجز متميز ليس لي بل للمسرح العراقي والعراق، وهذه ليست المرة الأولى التي افوز بها  بجائزة  أي سبق لي أن فزت في تونس والجزائر والمغرب وإيطاليا وألمانيا والأردن ومصر والشارقة وقطر والعراق عن مشاركات فنية مؤلفة أو ممثلة أو مخرجة أو فنانة عربية متميزة وتم تكريمي في مناسبات عديدة وفي محافل فنية وثقافية متعددة .

 

  • ما امنياتكِ على الصعد المهنية؟

أتمنى أن يكون لي مسرح حقيقي ومقر لمنظمة (محترف بغداد المسرحي) الذي يقوده الاستاذ عزيز وانا، وهو منظمة مجتمع مدني تعنى بالمسرح، وأتمنى أن يكون هناك اهتمام ودعم مادي ومعنوي لهذه المنظمات يفّعل حركتها ويمنحها فرصة الانجاز والتنقل لرفع إسم المسرح العراقي في بلدان العالم لأننا نشكو قلة الدعم وكثرة الاعاقات حين ننجز عروضنا المسرحية، كما هو موجود بالعالم أجمع.

 

  • ماذا تتمنى عواطف نعيم على المستوى الشخصي؟

أتمنى أن تعود لي حقوقي في بلدي، حقي في أن أكون بالمكان الذي أستحق وأن يحتفى بي واكرم وأنا على قيد الحياة أعمل وأحلم؛ لأن هناك من لا يحترم المرأة وما زالت النظرة الدونية متواجدة في مجتمعنا الذكوري المتخلف إلا ما رحم ربي، هناك من يستكثر على المرأة نجاحها ويعمل على تحجيمها وإقصاءها لغرض في نفس يعقوب، أحتاج لحقي في بلدي وعلى أرض وطني وبين ناسي وأهلي، وأن لا يمنع لي عرض مسرحي وأن لا يستبعد إسمي من مسلسل فني لأسباب شخصية وأن لا تحجب عني جائزة لأني أذهب وأشارك مع شباب ثورة التحرير في ثورتهم، أريد أن أكون مواطنة عراقية تتمتع بحقوقها.

 

  • ما اهم مشاريعكِ القادمة للمستقبل القريب والبعيد على حدٍ سواء؟

لدي مشاريع كتابة واخراج أنتظر أن ينزاح وباء كورونا لأجل المباشرة بها. العمل الذي أتهيأ لإنجازه عمل مسرحي كبير ومعي أسماء مهمة ستعمل به لذا أنا متأنية في البدء، كما إنتهيت من تحضير كتابين للطبع هما الجزء الثاني من مسرحيات الكبار والجزء الثاني من مسرحيات الأطفال وهو مشروع مهم بالنسبة لي.

 

ختامًا.. ماذا تقولين للمرأة العراقية؟

اقول لها: "أنت المجتمع وليس نصفه أيتها المرأة الباسلة لأنك تنجبين الابن والاب والزوج والاخ والحبيب ولولاك لما كان للحياة أن تستمر، وقد كرمك المولى سبحانه فجعل الجنة تحت قدميك، فكوني قوية، واثقة، جميلة، رقيقة، عذبة، صامدة تهزين المهد بيد وتهزين العالم باليد الأخرى".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى