خلق ضجة بـ”المنبر الذهبي”.. قصة أقدم صانعي السيوف في العراق
6 أيلول 2023
داخل أزقة مدينة الكاظمية في العاصمة بغداد، حيث أشهر صانع للسيوف في العراق وهو “سيد حيدر” الذي يتخذ من سوق الذهب القديم والمعروف في بغداد، موقعًا له لصناعة السيوف.
بدأ “سيد حيدر أحمد” رحلته في حرفة صناعة السيوف في ثمانينيات القرن الماضي، خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية، والتي كان لها تأثير على عمله بحسب قوله، ليتطوّر عمله مع تقدم السنوات ويصبح “أقدم صانع سيوف في العراق”، على حد تعبيره.
يستثمر تميزه في هذه الحرفة بالعراق ليكسب هواة السيوف والأسلحة القديمة والتراثية، ولم يقتصر على صناعة السيوف العربية، بل حتى الأجنبية، إضافة إلى الأسلحة الأخرى؛ كالمسدس والبندقية التقليدية القديمة.
مهنة لا تتوقف
يقول “سيد حيدر”، إنّ “صناعة السيوف التي بدأها في منتصف الثمانينيات على يد معلمه عبود الجواري، وهي مهنة لا يتوقف العمل بها لكونها تفتح طريقًا لتعلم مهن أخرى”.
ومهنة صناعة السيوف ـ والكلام لسيد حيدر ـ تدخل بها الجمع والنقش والحدادة والنجارة وتطعيم الأحجار وحتى الصياغة، مبينًا أنّ “صناعة السيف من مرحلة النصل وحتى النهاية وعرضه للبيع تمر بأكثر من عملية وأكثر من حرفة”.
ويشير إلى أنه “عمل أيضًا في مجالات أخرى غير السيوف ومنها النقش البارز بالخطوط العربية خاصة في الأضرحة والمراقد الدينية”.
كما يقول إنه “عمل على صناعة منبر الذهب الذي أثيرت حوله ضجة كبيرة نهاية العام 2021، بعد أن تداولت مواقع التواصل الاجتماعي حينها تظهر المنبر المرصع بالذهب ليتم رفعه لاحقًا”.
وفي كانون الثاني/يناير، 2021، انشغل مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بمقطع فيديو وصورٍ أظهرت منبرًا حسينيًا مصنوعًا من الذهب في حسينية تُدعى “قصر الزهراء” في مدينة الكاظمية بالعاصمة بغداد.
وعلى إثر ذلك، أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بيانًا بخط يده يصف ما حدث بـ”الجريمة الشنعاء بحق التشيع”، داعيًا أهل الحسينية إلى “إتلاف ذهب المنبر وتوزيعه على الفقراء وغلق الحسينية حتى شهر رمضان القادم”.
مراحل صناعة السيف
تمر صناعة السيوف بمراحل عدة، تبدأ من المرحلة الأولى وهي النصل (قطعة الحديد التي لم يتم التعديل عليها أو برادتها) وتكون من الفولاذ أو الجوهر، ومن ثم تصنيع المقبض وواقية السيف (البرشك).
ووفق “سيّد حيدر”، فإنّ تصنيع مقبض السيف يتم بطرق ومعادن مختلفة سواء من العظم العاج أو عظم الجمل أو قرن الجاموس أو الأحجار الكريمة بحسب طلب الشخص الذي يرغبه.
وتختلف السيوف بحسب حضارة كل دولة، حيث يقول “سيد حيدر”، إنّ “السيوف في الحضارة العربية من فترة العصور الجاهلية وحتى صدر الإسلام كانت سيوفًا مستقيمة لكن بمرور الوقت دخل التقويس على السيوف وبدأتها الهند ثم بلاد فارس الجزيرة العربية”.
والمدة الزمنية في صناعة السيوف ليست محددة، لكن أقل قطعة تصنع سواء كانت خنجرًا أو سكينًا تحتاج لما لا يقل عن 15 يوما، بحسب “سيد حيدر”.
ويتحدث “سيد حيدر” عن صناعة منبر استمر بها لفترة عام وستة أشهر، ويشبه هذه المدة الزمنية بـ”الطفل الذي يولد وينشأ أمام والده” حيث يعتبر أنّ “القطع والأسلحة التي تتم صناعتها لا تقل قيمة عن الأشياء الثمينة التي تمتلكها”.
لا تقدر بثمن
ويستثمر “سيد حيدر” مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لسلعته المصنعة، حيث تلك السيوف والخناجر تباع بأسعار كبيرة، كما يصفها بأنها “لا تقدر بثمن”.
ويقول صانع السيوف أنها “لا تقدر بثمن حيث بيعت بعض السيوف بالملايين لكونها نادرة أو تم تصنيعها من أحجار ثمينة”.
وينشر “سيد حيدر” صورًا للسيوف والخناجر وحتى الأسلحة التي قام بتصنيعها عبر موقع “فيسبوك”، حيث تحولت صفحته التي تحمل اسمه إلى أشبه بالمعرض، ويتم من خلال منشوراته شراء تلك السيوف المعروضة، إلى جانب آخرين يقصدون محله في الكاظمية للشراء أو توصيته لصناعة سيوف أو خناجر لهم.
السيوف والذهب.. صناعة مشتركة
يقول “علي البياتي”، صاحب محل لصياغة الذهب في سوق الذهب بمدينة الكاظمية، أنّ “سيد حيدر او كما يلقب بأبو السيوف، عُرف منذ سنوات طوال وبات يقصده الكثير من الأشخاص”.
البياتي يشير إلى أنّ “الزبائن الذين يقصدون أبو السيوف لا يقلون عددًا عن القاصدين لشراء الذهب أو الفضة”.
ويبيّن أنّ “حرفة صناعة السيوف صعبة وهي تنسجم مع صياغة الذهب، حيث بعض السيوف تستخدم فيها الذهب أو المجوهرات، كما أنّ عملية صناعة السيف تحتاج إلى جهد كبير ودقة في العمل كما هو الحال في صياغة الذهب”.
ويأمل البياتي في أن تتوارث مهنة “سيد حيدر” بصناعة السيوف، حيث يقول إنّ “تلك المهنة قديمة وتراثية ويجب أن تحافظ على مكانتها لكونها تعتبر رمزًا للتاريخ والحضارة القديمة ومن ضمن العادات العربية القديمة”.