المرأة والمجتمع المدني

تعايش أو تناهش؟

كتبت جمانة حداد*

أمس نشرتُ على وسائل التواصل الاجتماعي الكلام التالي: "لو كنتُ صاحبة سلطة في لبنان لكنتُ أصدرتُ على الفور قرارا يمنع المواطنات والمواطنين والزعماء والسياسيين ورجال الدين كافة، من استخدام الكلمات والصفات والتعابير الآتية، كتابةً أو قولاً، في الأحاديث الخاصة كما في العلن وعلى وسائل الإعلام، تحت طائلة السجن:

"مسيحي- مسلم- سني- درزي- شيعي- كاثوليكي- أرثوذكسي- ماروني- أرمني.
وأيضاً: تعايش- عيش مشترك- موزاييك – توازن ديموغرافي.
وأيضاً: أخواننا المسيحيون- أخواننا المسلمون – أخواننا الدروز وهلمّ، فضلاً عن أي عبارات أخرى مشابهة أو موازية لها.
وأيضاً: لكنتُ منعتُ منعاً باتاً ذكر الكنيسة والجامع في الجملة نفسها.
هل قلتم تعايشاً؟ لا يذكر الشيء بهذا الإصرار إلا فاقده. منطق العيش المشترك هو أساس الطائفية، لأنه لا ينفكّ يذكّر الناس بأنهم لا يتعايشون وبأن عيشهم ليس مشتركاً".

طبعاً، كثر فهموا قصدي وعرفوا أني أعبّر عن اشمئزازي واشمئزاز كثيرين في لبنان من الانقسامات الطائفية المتزايدة، ومن التلاعب بغرائز الناس، وأعبّر أيضاً وخصوصاً عن قناعتي وقناعة كثيرين في لبنان بأن هذا البلد لن يصير بلداً بحق إلا متى اعتمدنا النظام العلماني وطهّرنا السياسة من الدين والعكس بالعكس، وعززنا حس المواطنة فوق الانتماء الطائفي.
ولكن، ثمة من ناسبه أن يستنكر كلامي هذا، وأن يعتبر أنه يشكّل اعتداء على حرية التعبير، وأن يقرّر أني ديكتاتورية.
كم يضحكني ذلك اللبناني الذي يرى أن التهييج الطائفي القاتل هو حرية تعبير.
وأن استغلال الشعب بأرخص الأساليب هو حرية تعبير.
وأن استفزاز الكراهية نفسها التي أوقعتنا يوماً في حرب أهلية مرعبة، هو حرية تعبير.
ولكن حسناً، لهؤلاء أقول بدوري: ما تعتبرونه ديكتاتورية من جانبي، هو بكل بساطة… "احزروا شو"؟
حرية تعبير!

 

* كاتبة وصحفية لبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى