تقارير وتحقيقات

بغداد: مغنية عراقية تدخل موسيقى “البؤساء” إلى ساحة التحرير

بعد نحو شهر من بداية الاحتجاجات في العراق، نشر على موقع يوتيوب أغنية مصوّرة لشابة عراقية، لكنها كانت مختلفة عن الأغاني الوطنية المعتادة.

يبدأ الفيديو بجملة تقول "لا تولد الثورات بالصدفة وإنما بالضرورة"، لنسمع بعدها صوت سارة آدم تغني بالإنكليزية أغنية "هل تسمعون غناء الشعب" التي كانت جزءا من الفيلم الغنائي الشهير "البؤساء"، المنتج عام 2012، والمأخوذ عن رواية الفرنسي فيكتور هوغو.

لا يظهر وجه سارة حتى نهاية الفيديو؛ فطوال الأغنية نرى وجوه مختلفة لعراقيين يلوحون بعلم بلدهم أو ملتفين به؛ نرى رجالا ونساء من مختلف الأعمار، وأطفالا في ساحة التحرير. نرى جرحى ومسعفين يحاولون إنعاش مصابين، ونساء يصنعن الخبز، ونرى دخانا وحطاما ونعوشا.

وإلى جانب إعادة توزيع الألحان، أجري تغيير وحيد على كلمات الأغنية؛ إذ عدلت الجملة التي تترجم بالعربية إلى "ستروي دماء الشهداء مروج فرنسا"، لتصبح "ستروي دماء الشهداء مروج العراق".

وبالفعل، حتى شهر فبراير/شباط قتل قرابة 500 عراقي في بلدهم أثناء الاحتجاجات التي بدأت في مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2019، وفقا لتقارير إعلامية.

 

هل تسمعون غناء الشعب؟

سارة آدم، التي غنّت هذه الأغنية، موظفة حكومية تحب الغناء، وتحديدا الغناء الكلاسيكي، ولم تدرس الشابة ذات الـ 27 عاما الموسيقى بل حصلت على إجازة في هندسة البرمجيات عام 2019.

لكنها قررت العام الماضي أن تحترف الغناء فأعادت غناء أغنية أمريكية شهيرة اسمها "هذه أناThis is me"، وتقول إنه جاءتها عروض من شركات إنتاج عراقية لكن الشروط "لم تناسبها" لأن فيها شرط الاحتكار الفني لها، ولا تضمن لها أن تؤدي الألوان التي تحبها.

التقت سارة صدفة بشابة عراقية تحب الإخراج اسمها "هاجر قصي" واتفقنا على مشروع لإنتاج فيديوهات بشكل دوري – ولكن الاحتجاجات اندلعت في مدينتهما بغداد فتوقف المشروع.

تقول سارة "كنت قد التحقت بعملي الجديد عندما بدأت الانتفاضة فقلت لنفسي 'يجب أن أكون هناك '. شعرت بالعار. فنزلت إلى ساحة التحرير وانضممت لفريق تطوعي هناك".

اقترحت هاجر على سارة غناء أغنية فيلم البؤساء الشهيرة "هل تسمعون غناء الشعب؟" (Do You Hear the People Sing) لتكون أول عمل مشترك بينهما، فوافقت سارة.

"أحببت اللحن والكلمات الثورية. الأغاني العراقية تكون غالبا إما حزينة جدا ومحبطة، أو فرحة جدا لا تناسب هكذا حدث. لذا وجدنا أن هذه الأغنية ثورية بما يكفي.. ففيها عاطفة ودافع".

 

مشكلة أثناء التصوير

لم تتأخر الشابتان في تنفيذ المشروع؛ وخلال ثلاثة أيام عمل في الأستوديو أنهتا تسجيل الأغنية. وبعدها، بدأ التصوير في ساحة التحرير – المكان الرئيسي لتجمع المتظاهرين.

أرادتا إخبار العالم عما كان يجري في بغداد، ولم تواجههما صعوبات مع رجال الأمن، كما تقول سارة، بل كانت المشاكل ذات طبيعة مختلفة.

"لم تكن هناك صعوبات أمنية فالساحة كانت ممتئلة بالمتظاهرين. كان رجال الأمن موجودين ولكن لم يقدروا على منعنا فنحن كنا من بين المتظاهرين. ولكن أحيانا كانت هناك قنابل غاز مثلا".

وتضيف سارة: "أحببنا أن نظهر الناس وهم يغنون. واجهنا مشكلة أن الغالبية لم يكونوا يعرفون الإنجليزية. شرحنا لهم أننا نريد إنتاج أغنية للثورة، أحبوا الفكرة لكنهم لا يعرفون اللغة الإنجليزية فحاولنا تمرينهم على الجمل. كان الموضوع صعبا لكننا استمتعنا به".

وتقول إن عدد مشاهدات الأغنية على موقع يوتيوب لم يكن عاليا، ليس فقط لكون الأغنية باللغة الإنجليزية، بل بسبب انقطاع خدمة الإنترنت، لكن طلابا عراقيين يدرسون في جامعات خارج العراق كتبوا لها ليخبروها عن عرض أغنيتها في تجمعاتهم مستفيدين من كونها مغناة بالإنجليزية.

ومنذ بداية حركة الاحتجاج الواسعة، غنى عراقيون وعراقيات لبلدهم، مثل المغنية أصيل هميم (هذا عراقي)، ورحمة رياض (نازل أخذ حقي)، وإسراء الأصيل (جنه ياوطنه، وسلاما على العراق).

 

ألمى حسون/  BBC

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى