بغداديون يشكون استفحال ظاهرة “الكراجات العشوائية”: ندفع “أتاوات” لمخالفين محميين بأجهزة حكومية

مع استمرار حملات الجهات الأمنية والخدمية في العاصمة بغداد، برفع الكتل الخرسانية، وفتح الطرق والشوارع، وملاحقة المتجاوزين على الساحات والأرصفة العامة، تبرز ظاهرة "الكراجات العشوائية" للعجلات كتحدٍ حقيقي أمام الحياة عصرية والهدوء التي ينشدها البغداديون، في ظل تغاضي أمانة بغداد عن محاسبة مستغلي الأرصفة والأزقة، وسط توفير الحماية للمخالفين من قبل جهات أمنية نافذة في الحكومة، تتقاضى "أتاوات" من أصحاب السيارات، على حد تعبير مواطنين، كل ذلك دون الاستماع لشكاوى أصحاب المواقف الأصولية، التي تضررت كثيرا من تنامي تلك الظاهرة.
يقول محمد علي (٥٣ عاما) وهو مواطن يسكن شارع فلسطين: إن "الكثير من الأرصفة الحيوية والمهمة في المنطقة تم الاستيلاء عليها من قبل أناس من خارج المدينة، وحولوها لساحات عشوائية لوقوف السيارات"، مبينا ان "هؤلاء يحظون بدعم وإسناد من قبل عشائر وجهات نافذة بالدولة".
وتعاني العاصمة بغداد من عشرات إن لم يكن مئات من المواقف العشوائية وغير النظامية للعجلات، الأمر الذي ساهم الى حد كبير في تشويه الشوارع العامة وغلق الطرقات الفرعية والرئيسية، وتحويل الأماكن العامة الى كراجات للسيارات، تحت أنظار الجهات المسؤولة والرقابية كأمانة بغداد، وقيادة عمليات بغداد، وأجهزة الدفاع والداخلية.
ويضيف علي أن "فروع الأزقة تم استغلالها للغرض المذكور بالقوة وتحت تهديد اصحاب البيوت، وأي شخص يعترض سيكون عرضة للملاحقة المسلحة من قبل جماعات أو عشائر، وهذا يحدث أمام أنظار الشرطة وجميع الأجهزة الامنية"، مشيرا الى أن "الكثير من أصحاب المنازل المتضررة من هذه التجاوزات، رفعوا شكاوى لمركز شرطة المدينة، ولمسؤولين محليين الا انه لغاية الان لم يتخذ اللازم، فضلا عن قيام أمانة بغداد بأي رادع لمثل هذه التصرفات".
بالمقابل، يقول اياد سامي (٣٨ عاما)، وهو صاحب أحد الكراجات: إن "أغلب المواطنين هم من ساعدوا في انتشار هذه الظاهرة، لأنهم يتعاطون معهم".
ويضيف سامي، أن "المواطنين لا يدركون خطورة الكراجات العشوائية التي قد تصيب سياراتهم بالضرر من قبل المارة او ربما تتعرض للسرقة، متناسين أنه في حال تمت سرقة سياراتهم، لن يتحمل اصحاب الكراجات العشوائية المسؤولية القانونية". داعيا الأجهزة الأمنية وأمانة بغداد إلى "تكثيف الجهود للحد من تلك الظاهرة العشوائية التي تؤثر في اصحاب الكراجات المجازة".
ويلفت مرتضى علي (٤٤ عاما) الذي يسكن منطقة الكرادة، الى أن "ظاهرة الكراجات العشوائية تسببت بتشويه منظر المدينة، خاصة حينما ترى سيارات مبعثرة في الاصطفاف على الأرصفة في مظهر غير حضاري، ولا يليق بالعاصمة"، منوها الى أن "تحويل الأرصفة لكراجات قد يلحق بها الضرر، وهذا الأمر بحد ذاته يعد تجاوزا على الممتلكات العامة".
ويتهم علي، جهات وأشخاص نافذة في الحكومة لم يسمها، بـ"مساندة أصحاب هذه الكراجات مقابل حصولهم على نسبة من الأتاوات، التي يتقاضونها من أصحاب السيارات".
من جهتها، تسرد أم ضياء (٤٢ عاما) وهي موظفة من أهالي زيونة، قصة تعرضها للابتزاز ممن وصفتهم بـ"مافيات" الكراجات العشوائية، اذ تقول "اقتربت بسيارتي من الرصيف قبالة أحد البنايات في حي زيونة لمراجعة عيادة طبية، وأثناء محاولتي ركن السيارة، هب شاب ملتحٍ كان جالساً على كرسي، لمساعدتي على رصفها بشكل منتظم، وبعدها أخرج وصلا يتضمن أجرة الوقوف بقيمة خمسة آلاف دينار، رغم ان الرصيف ملك عام، وغير مخصص للعيادات أو أية جهة اخرى".
وتستكمل القصة بالقول "عبرت عن احتجاجي على مقدار المبلغ، وكذلك على تجاوز الشاب على القانون، فكان رده بأنه حاصل على ترخيص قانوني من جهاز الأمن الوطني"، متسائلة "ما علاقة هذا الجهاز باستغلال الأرصفة، وتحويلها الى كراجات عشوائية، أليس هذا التصرف ابتزازا للمواطن في وضح النهار".
بغداد – مسلم السليطي/ العالم الجديد