إيراني يروي أحلاما تحطمت بعد عام من تجديد العقوبات الأميركية على بلاده
لطالما حلم علي رضا بمستقبل أفضل في إيران وبشراء منزل وسيارة، غير أنّ تلك الأيام ولّت إثر خسارته عمله جراء إعادة فرض العقوبات الأميركية على بلده.
ويقول علي رضا الموظف السابق في قطاع السيارات، “تدهورت قدرتي الشرائية، وأصبحت حياتي رهينة الضغوط. لم أعد أعد نفسي من الطبقة المتوسطة. إنّه شعور مفزع”.
وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إنه مرّ عام على إعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي الذي أفسح المجال أمام تخفيف العقوبات الاقتصادية تدريجاً عن إيران في مقابل تحجيم برنامجها النووي.
وأحيا الاتفاق المبرم عام 2015 الآمال بإنهاء أعوام من العزلة الاقتصادية.
ويقول علي رضا الذي فضل عدم ذكر اسم عائلته إنه بعد الاتفاق “عشنا فترة ازدهار حقيقي، باتت فرص العمل متوفرة وزالت همومنا”.
لكنه يضيف أن “الأمور انقلبت رأسا على عقب” في 8 أيار 2018 حين انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق.
ومثل نحو مئة من زملائه، خسر عمله في مجموعة “بي أس أ” الفرنسية المصنعة لسيارات بيجو وسيتروين خصوصاً بعد سنوات من العمل فيها. حصل ذلك مع فرض أول موجة من العقوبات التي استهدفت قطاع السيارات في شهر آب 2018.
يقول “منذ ذلك الوقت أبحث عن عمل في كل مكان، ولكن بلا نجاح”.
حتى إنّ الفنادق كانت غير قادرة على التعامل مع تدفق المستثمرين الأجانب، ووفقاً للرئيس حسن روحاني كانت إيران جاهزة للاستفادة من دخول 100 مليار دولار عبر المصارف الخارجية والشركات.
وبسبب إعادة فرض العقوبات الأميركية، اضطرت معظم الشركات الأجنبية التي جاءت أو عادت بعد اتفاق 2015 مثل الفرنسية “بي أس أ” ورينو وتوتال أو الألمانية سيمنز، إما مغادرة إيران أو تقليص عملياتها إلى الحد الأدنى.
وأدى فقدان الوظائف والتراجع الحاد في قيمة الريال وتفشي التضخم، الحياة “قاتمة”و”كئيبة” بالنسبة إلى علي رضا وكثيرين غيره.
ويقول علي رضا إنّه بعد 20 عاماً من العمل كخبير مبيعات وتسويق في قطاع السيارات، “كنت أعتبر نفسي من الطبقة الوسطى العليا”، موضحاً أنّه صاحب سجل طويل في العمل مع الشركات الأجنبية في إيران.
عمل علي رضا المتزوج وليس لديه أطفال، مع سيمنز ورينو قبل أن ينتقل للعمل مع بيجو قبل أكثر من عشر سنوات.
حلم بعد تخفيف العقوبات بالانتقال إلى منزل أكبر وتغيير سيارته بفضل بعض المدخرات وإمكانية الحصول على قروض.
ولكنه يحصل في الوقت الحالي على أقل من نصف مرتبه في وضعه كعاطل عن العمل، وتبخرت فرص تحسين مستوى معيشته. يقول “ذهب مرتبي وارتفعت أسعار المنازل ارتفاعاً شديداً… وببساطة، من المستحيل شراء سيارة الآن”.
وتضاعفت أسعار المنازل في العاصمة منذ آذار 2018 بحسب المصرف المركزي الإيراني، كما أصبحت أسعار السيارات المستوردة بعيدة عن متناول الكثيرين.
وتراجعت أيضاً فرص التوظيف. فصانعو السيارات المحليين مثل خودرو وسايبا يعانون بدورهم جراء العقوبات الأميركية ونتيجة المشكلات المالية الداخلية، في حين تشهد إيران انكماشاً اقتصادياً ويتوقع تراجع إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة 6 بالمئة على الأقل، وفق صندوق النقد الدولي.
يشرح علي رضا أنّه بفضل مرتب زوجته لا يزالان قادرين على توفير الحاجيات الأساسية، ولكن بالنسبة إلى العديد من الإيرانيين المنتمين إلى طبقات أدنى، فإنّ سلعاً أساسية مثل اللحوم وبعض الفواكه والخضروات، باتت بعيدة عن متناولهم.
وتذكّر إعادة فرض العقوبات الأميركية العديد من الإيرانيين بفترة ما قبل الاتفاق النووي حين دفعت العقوبات المتعددة الأطراف بالبلاد نحو الانكماش.
ويقول علي رضا إنّ ما يحصل يذكّره بسيناريو أزمة 2012. ويقول “تضررت بسبب العقوبات مرتين. فقد فقدت عملي بالطريقة نفسها عام 2012 حين أوقفت مجموعة بي اس أ نشاطها … كأنّ التاريخ يعيد نفسه”.
“ولكن الآن، لا أرى أنّ المستقبل سيكون أفضل من ماضيّ القريب”، يقول علي رضا قبل أن يضيف: “لن يحصل شيء ما لم تحدث تغيّرات كبيرة، كما في المرة الأخيرة”.