إتجار بالبشر تحت غطاء التسول

سارة جاسم _ بغداد
تنامي ظاهرة التسول بشكل كبير فهي ليست وليد العهد وانما مشكلة منذ قرون وتزايدت بالسنوات الأخيرة بسبب ضعف القانون والبطالة ،فاصبحت ظاهرة التسول هي إتجار بالبشر اكثر من ما أن تكون تسول لسد العوز والفقر .
معظم الأسباب التي ساهمت في زيادة ظاهرة التسول في العراق هي الأزمات السياسية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على المواطن العراقي ،حيث أن نسب الفقر في البلاد في تزايد مستمر وتزايد عدد السكان بشكل ملحوظ والبطالة وارتفاع الأسعار المواد الغذائية والعلاج والمستشفيات الاهلية وتراجع أهمية التعليم مع متطلبات سوق العمل وغيرها أدت الى تناميها وتفاقمها .
جدير بالذِكر أن آخر احصائية أصدرتها وزارة التخطيط عن عدد السكان في العراق لسنة 2022، إنَّ “تقديرات عدد سكان العراق لسنة 2022 بلغت (42) مليوناً و(248) ألفاً و(883) نسمة، بمعدل زيادة سنوية بلغت (2.5 %)، يشكل الذكور (50.5 %) والإناث نسبة (49.5 %)، فيما بلغ عدد الولادات خلال العام الماضي مليوناً و(310) آلاف و(894) ولادة، وبلغت الوفيات (236) ألفاً و(469) وفاة”.
فبالتالي مع زيادة عدد السكان وتراجع الأقتصاد العراقي وتفاقم أزمة البطالة و عوامل اجتماعية متمثلة بالتفكك الأسري وانتشار المخدرات والتي هي ناتج عن السياسات المتبعة خلال العقود الماضية ، لذا بدأت اغلب العوائل تدفع أبنائها الى التسول ، اما المنحى الاخر هو الاتجار بالبشر بغطاء التسول رغم وجود قانون لمكافحة الاتجار رقم (28 لسنة 2012 ) واتفاقية حقوق الطفل المصادق عليها ، لكن نجد هناك استغلال كبير للأطفال وأشخاص من ذوي الاعاقة من قبل عصابات تدير الظاهرة وأماكن انتشارهم وطرق التسول وحتى استخدام حيل لجعل الشخص اكثر تعاطف في التسول واسوأها هي تخدير الأطفال للأستجداء واي تدخل من البعض يعرض حياته للخطر .
قصص كثيرة نسمعها من الأطفال المتسولين لأباء وأمهات على قيد الحياة يجبرونهم على الخروج في جميع المواسم من الجو بحره وبرده ، وفي مختلف الأماكن وأن كانت محفوفة بالمخاطر ، بعض الفتيات الصغيرات يتعرضن للأنتهاك الجنسي دون أدراكهن بدنائة هذه الأفعال ، فلا أنسى قصة طفلتين ذوات التسع سنوات و الأحد عشر عاماً في أحدى مناطق العاصمة بغداد كُن يوافقن على أي فعل جنسي يطلب منهن مقابل الفي دينار او وجبة طعام لا تتجاوز المبلغ المذكور . أتساءل كم أنتهاك طال هؤلاء الأطفال ؟ عنف أسري، أستغلال وحرمان ، عمالة الأطفال، حرمان التعليم ، أعتداء جنسي، أمراض جنسية ، ببساطة أي مقوم من مقومات الحياة الطبيعية لطفل طبيعي مفقودة .
اما الأجراءات الحكومية المتخذة فقد أعلنت وزارة الداخلية في مرات سابقة أنها تنفذ بين الحين والآخر حملات لإلقاء القبض على المتسولين، لوجود مواد قانونية تمنع هذه الظاهرة، لكن سرعان ما يتم إطلاق سراحهم دون ذكر الأسباب ، أما وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تحاول شمول أكبر عدد من الفئات الفقيرة التي تعيش تحت خط الفقر برواتب الرعايةالاجتماعية لكن المبالغ لا تتناسب مع متطلبات الحياة ، كما نفتقر لتوفير البنى التحتية الخاصة لإيواء الأطفال المشردين والمشردات وغيرهم وإمكانية تأهيلهم فيها .