البيئة والمناختقارير وتحقيقات

أزمة المياه تطرق أبواب بلاد الرافدين.. هل سيموت العراقيون عطشاً؟

قيس السالم

أدت التغييرات المناخية الأخيرة في العالم إلى حدوث أزمة مياه خانقة لا سيما في العراق، الذي لم يعمل خلال السنوات الماضية على وضع خطة رصينة للمحافظة على المياه، الأمر الذي أدى إلى انحسار مناسيب الأنهر في بلاد الرافدين.

ويبدو أن الجفاف سوف يفتك بالعراقيين قريباً، خصوصا بعد التحذيرات التي أطلقتها وزارة الموارد من أن الخزين المائي وصل لمراحل وصفتها بـ “المتدنية جداً”، الأمر الذي أرعب المهتمين بالشأن العراقي.

وتشكل أزمة المياه تحديًا كبيرًا يتطلب جهودًا جادة للتصدي لها، وتتطلب التزام شامل من قبل الحكومة العراقية، للحفاظ على مصادر المياه وتحسين إدارتها بشكل مستدام، حتى يتمكن العراقيون من الاستمرار في الاعتماد على هذا الثروة الحيوية والحفاظ على حياتهم ومستقبلهم.

وحمل خبراء في مجال المياه الحكومات المتعاقبة على الحكم في العراق بعد 2003 المسؤولية كاملة، إذ لم تعمل الحكومات على إنشاء السدود للاحتفاظ بالخزين المائي واستغلال الإطلاقات المائية من تركيا وإيران، ولم تعمل على إدامة السدود التي بُنيت في زمن النظام السابق بحسب قولهم.



لا حلول مرتقبة

قال الخبير المائي تحسين الموسوي ، إنه “لا حلول لدى الحكومة العراقية كون أن أزمة المياه هي تراكمية تعود للحكومات المتعاقبة والتي لم تجد أي حل لملف المياه، بل على العكس كل الحلول التي كانت تأتي أو تعمل عليها الحكومة، إما أن تكون حل من السماء أو رحمة الجيران”.

وأضاف الموسوي، أن “رئيس الوزراء صرح بأن العراق بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي، ولكن المجتمع الدولي لا ينتظر من يطلق النداءات وإنما من يذهب إليه ويطالب المجتمع الدولي من خلال تطبيق الاتفاقيات”.

وبين أن “العراق دخل في الاتفاقية الإطارية للمياه واتفاقية هلسنكي للمياه، وعلى العراق الذهاب إلى المجتمع الدولي كون أن المياه حقوق مشتركة لا سيادة عليها، والعراق يتعرض لحرب وأضرار كبيرة”.

ولفت إلى أنه “من الممكن الضغط على دول الجوار من خلال وسائل عديدة منها الملف التجاري والملف الاقتصادي والعلاقات الصديقة مع دول الجوار، فضلا عن الملف الأمني الذي يلعب دورا أساسيا بهذا الملف”.

من جانبه قال الخبير الزراعي والمائي عادل المختار في تصريح خاص لشبكة “الساعة”، إنه “يجب تأسيس غرفة طوارئ أو خلية لإدارة أزمة المياه، خصوصا بعد التدني الكبير في الخزين المائي بحسب تصريح وزير الموارد المائية الذي أكد أن الزراعة الصيفية مجازفة، إذن حان الوقت لإعادة النظر بالسياسة الزراعية حتى نستطيع الخروج من الأزمة ونقلل الهدر الكبير في استخدام المياه في القطاع الزراعي الذي يمثل 85% من الإطلاقات”.

وأشار المختار، إلى أنه “كنا ننادي منذ عام 2017 بتأسيس المجلس الوطني للمياه، واليوم لجنة الزراعة النيابية قدمته للبرلمان لغرض تشريعه، فضلا عن الاهتمام بمعمل النعمان الذي هو شركة في وزارة الصناعة والذي تم تقليله وتخفيضه إلى مصنع وهذا تدني كبير وهو ينتج منظومات الري للبستنة، والاهتمام بهذا المعمل مؤشر جيد”.



شروط دول الجوار

الخبير المائي والزراعي عادل المختار، أكد أن “إيران وضعت شرطاً على العراق وهو فتح اتفاقية عام 1975 والتي تشمل ثلاث محاور للأنهر التي قطعتها والبالغ عددها 42 نهراً والتفاوض على أساسها وهذا شرط صعب في الوقت الحاضر ونأمل أن يأخذوا بالنظر للظروف الحالية”.

وأضاف المختار، أن “الجارة تركيا شرطها الوحيد إعادة النظر في السياسة الزراعية واستخدام منظومات الري الحديثة وتقليل استخدام المياه وفق الإطلاقات التي يقومون بإطلاقها”.

بدوره، رأى الخبير المائي تحسين الموسوي، أن “دول الجوار لم تضع شروطاً، والحقيقة أنها استغلت ظروف ومشاكل وضعف العراق، إذ إنها بدأت بالابتزاز من خلال الملف المائي عن طريق قطع المياه وبناء السدود لتحسين اقتصادها، والدلائل كثيرة من خلال التبادل التجاري ومحاولة إنهاء الخطة الزراعية”، مشيرا إلى أنه “من الممكن أننا ألقينا نظرة الوداع للزراعة”.



مياه الشرب

أكد تحسين الموسوي، أن “وضع المياه وصل إلى مرحلة مروعة وخطرة جدا”، مبيناً أن “مياه الشرب مؤمنة، ولكنها غير صالحة للاستخدام نتيجة لارتفاع نسبة الملوثات فيها والخزين الستراتيجي بعد 4 مواسم من الجفاف وصل لأدنى مستوى عبر التاريخ إذا وصل الخزين إلى أقل من 7 مليارات متر مكعب مع زيادة كبيرة في الموارد البشرية”.

فيما بين عادل المختار، أنه “حسب تصريحات وزارة الموارد المائية، مياه الشرب والاستعمالات المنزلية مؤمنة للفترة الحالية وحتى على السنتين المقبلتين”.

ويعزو مختصون سبب أزمة الجفاف التي طرأت على العراق مؤخرا إلى عدة أسباب أهمها عدم وجود جهد دبلوماسي في حل ملف المياه مع دول الجوار (تركيا وإيران) فضلاً عن الحكومات المتعاقبة التي عملت على نهب ثروات البلاد هاملين ملف المياه والذي هو من أهم الملفات التي يتوجب على الحكومات حلها وتقصيرهم الواضح في عدم بناء سدود على نهري دحلة والفرات.

وخلفت أزمة شح المياه آثارًا سلبية من خلال تقليل مساحات الزراعة وهجرة الكثير من الفلاحين من مناطق كثيرة بسبب جفاف الأنهر الفرعية.

وقد تفاقمت الأزمة بعد قطع إيران لمياه الأنهار عن العراق بأكثر من 42 رافداً وجدولاً موسمياً كانت تغذي الأنهار والأهوار في العراق، أهمها أنهار الكرخة والكارون والطيب والوند والزاب الصغير وسيروان، وآخرها نهر هوشياري الذي يغذي محافظة السليمانية.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الموارد المائية، أن العراق المتضرر الأكبر من تبعات التغيرات المناخية وتناقص الواردات المائية نتيجة لعدم وجــود اتفاقيات ملزمة بينه وبين دول المنبع لإدارة المياه العابرة للحدود والأنهر المشتركة.

شبكة الساعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى